آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 12:01 م

معاركُ الحياة

يولد الإنسانُ وتهديه الحياةُ لفائفَ من المعاركِ الفكريةِ والجسديةِ لا تنتهي بتوقفِ ساعةِ العمرِ عن الطرق. في مسيرةِ العراكِ واللكماتِ يضعف الجسدُ وفي حالاتِ الإنكسار يقول كفى سئمتُ مشوارَ الحياةِ بعد كُلِّ هذه الأميال. هذه المعاركُ التي تنهكُ الجسدَ يكبر فيها العقلُ، يختمر وينضجُ في السنين. معركةُ الأفكار تبدأ مع الولادةِ ولا تنتهي يومَ الحشر، تبحث عن الحيلِ في الخلاصِ من نتيجةِ الأعمال. ترانا نجادل في الرجوعِ لإصلاحِ ما أفسدنا وعندما لا يستجيب الربُّ نقدم التماساً طالبينَ الفناءَ الأبدي والخلاصَ من الألم.

على الرغمِ من ضعفِ وهزالِ الجسدِ ولأنَّ عقولنا تبقى مثل السيفِ تصقله أحجارُ السنين لا يمكننا الاستقالة من معركةِ الأفكار. لا يجب أن نقول كفى للعقلِ بل يجب علينا أن نعطيَ الجيدَ من عقولنا وخلاصاتِ التجارب التي عشناها أفراداً وجماعات. ما نعطيه الناسَ من راجحِ عقولنا يبقينا أقوياءَ بعد ضعفِ الجسد.

الحقيقةُ العلقم أن مجاميعاً من البشرِ يستقيلونَ في أفكارهم ويدفنونَ معهم كنوزَ عقولهم تحت التراب. تنزوي وتنزع عقولهم نحو الراحةِ وينابيعُ أفكارهم نحو النضوبِ واللاشيء باكراً حتى قبل أن تتعبَ أجسادهم. سر الخلودِ في هذا العالم هو بقاء الفكرِ حياً مرهفاً يتجدد ويبث الحياةَ في الحاضرِ والقادمِ من الأجيالِ بعد بلاءِ الجسد الذي نرتديه. في غيابِ الفكر السليم تأتي الفوضى وتداعياتها ويختفي الإبداع.

لو اقتدر العلمُ يوماً أن يوقف ساعةَ الزمنِ والشيخوخة سوف يصل جسدنا حتماً إلى قمةِ المنحنى في القوةِ عند نقطةٍ ما بينما قد تستمر عقولنا في مسيرةِ الكمالِ إن أردنا إلى مالا نهاية. ليس هناك سورٌ يحد البشرَ ويذودهمْ عن المعرفةِ إلا ما ضربوهُ على أنفسهم من أسوارٍ تفقد العمرَ معناه ويصدق فيها:
سئمتُ تكاليفَ الحياةِ ومن يعشْ
ثمانينَ حولاً لا أباً لك يسأمِ

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
طاهرة آل سيف
28 / 8 / 2018م - 3:29 م
بعد أيام يأخذ الإنسان استراحة المحارب ويستقبل عاماً جديداً ، عمراً يضاف إلى أرقام حياته إن قدر الله له ذلك ، لا يهم الرقم تجاه أن تتوازن كفة الخبرات أو ترجح على كفة أرقام العمر ، لكم العمر المديد من الخبرات والحكمة وصبها عبر القلم والكلمات ..
مستشار أعلى هندسة بترول