آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

‎شهر محرم وتهذيب النفس

أحمد منصور الخرمدي *

شهر محرم من الأشهر الحرم، فيه من الأجر والثواب وفيه تضاعف الحسنات قال تعالى «إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم» فالظلم وارتكاب المعاصي في هذه الأشهر الحرم يعد من كبائر الذنوب. شهر محرم كباقي الأشهر الحرم الأخرى فيه من الخصائص العظيمة ومن القداسة الرفيعة إلا أنه يتميز بإقامةالمجالس الحسينية التوعوية التي تحتوي على ذكر الله وسيرة الرسل والأنبياء وذكر فضائل أهل البيت ونشر تعاليمهم وبيان حقهم وأدوارهم في حياة الناس وتسليط الضوء على نهضة الإمام الحسين وما حوته من دروس وعبر وفيه من الموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقريب الناس إلى طاعة الله وإبعادهم عن معاصيه. وبالرغم من أن هذه المجالس الحسينية تقام طوال أيام السنة وفيها من التوعية والإرشاد الديني وبقضية الأمام الحسين وإبعاد نهضته المباركة إلا أنه في شهر محرم الحرام وبالعشر الأوائل وما يتبعها من أيام هي الركيزة لتجسيد ذلك المصاب الجلل وتلك الفاجعة الأليمة وأي مصيبة أعظم مما جرى على الإمام الحسين وأهله ورجاله وأطفاله حتى الرضيع.

‎ وما أن يحل هلال شهر محرم الحرام حتى يعم الأسى والحزن ديار المسلمين. وقد بكى الرسول الأعظم صل الله عليه وآله وسلم لهذا اليوم كما بكى جبريل والملائكة والائمة يمثل لهم الكثير من المشاعر المؤلمة.

في المجالس والمأتم الحسينية يقام العزاء والحزن على مصابهم وتكون مخاطبة الأنفس البشرية عن واقعة كربلاء المقدسة من قبل خطباء افاضل وبأساليب متعددة بغض النظر عن الاختلاف العقائدي والتباين الثقافي، ومن أهم تلك الرسائل بعد بيان منزلتهم عند الله تعالى ورسوله صل الله عليه وآله وسلم، خلق الترابط الديني والعاطفي مع أهل البيت والذي نص عليه القرآن الحكيم قال تعالى «قل لا اسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى» كما أن المنبر الحسيني الشريف من مهامه الأساسية نشر الشعائر الحسينية المقدسة وفيه التربية والتهذيب للنفوس وترسيخ القيم والمبادئ الدينية والإنسانية الفاضلة والدعوة إلى الاعتدال ومحاربة الفساد والتطرف والغلو وأحياء القلوب بما هو نافع كما أن المنبر الحسيني يتصدى للظواهر السلبية المؤثرة على مجتمعنا والتركيز على تبيانها ومعالجتها بمستوى المسؤولية الإجتماعية وتوجيه النصيحة بالتي هي أحسن لتغذي العقول والقلوب وتترك أثرا في النفوس لمرتادي هذه المجالس أو من يقوم بالاستماع أو المشاهدة على الهواء مباشرة أو تسجيلا. فهل لنا جميعآ أن نكون قدوة حسنة ونموذجاً ساطعاً بأخذ الدروس والعبر من تلك السير العطرة والتي تجسدت معانيها في الرسول الكريم صل الله عليه وآله وسلم وفي سير الأئمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. علينا جميعاً أن ننهل من دروس عاشوراء ما يساعدنا على مراجعة النفس وتصحيح التصرفات الخاطئة وأن نحسن النية والعمل وأن تكون ثقافتنا وتوجهاتنا ذات أهداف وغايات نبيلة وخالصة لوجه الله تعالى تخدم الدين والوطن والمجتمع.