آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:02 م

عاشوريات «9»

محمد أحمد التاروتي *

القضية الحسينية، كغيرها من القضايا الكبرى، تمر بمحطات مفصلية، بحيث تشكل علامة فارقة، الامر الذي ينعكس على حيويتها، وقدرتها على الحياة في المجتمع، فالثورة الحسينية واجهت الكثير من المصاعب، جراء الحصار المفروض عليها، من لدن الاعلام المضاد، مما فرض البحث عن الوسائل المتاحة لفك الحصار، والانطلاق في الفضاء الرحب، لاسيما وان الاستسلام يخلف تداعيات ليست محصورة، على الظرف الآني، بل تترك اثارا وخيمة على الاجيال القادمة.

ابتكار وسائل الانفكاك من التعتيم الاعلامي للقضية الحسينية، تارة تكون من صنع الانسان عبر التحرك ضمن المساحة المسموحة، من اجل الهروب من التضييق والحصار، وتارة اخرى تأتي نتيجة التطور المتسارع على الصعيد العالمي، مما يستدعي الانخراط في المستجدات، لتسخيرها أهدافه المرسومة، لاسيما وان الاستفادة من التقنيات التكنولوجية، يكشف القدرة على التأقلم مع المستجدات العالمية، بحيث تصب في خدمة القضية الحسينية، ويسهم في الانتشار العمودي والأفقي، بصورة سريعة.

خلال العقدين الماضيين، شكلت الثورة الاعلامية فرصة لنشر الثورة الحسينية، وتجاوز الاعلام التقليدي، الذي صاحب الاعلام الحسيني في العقود الماضية، الامر الذي انعكس بصورة مباشرة، في اقتحام القنوات الفضائية بامكانيات، وأدوات متواضعة للغاية، لاسيما وان صناعة الاعلام من العلوم الجديدة على القضية الحسينية، الامر الذي أحدث بعض الإخفاقات وبعض النجاحات، بيد ان القنوات الفضائية احدثت تطورا جديدا، في نصرة معركة كربلاء، بحيث فتحت بابا واسعا من النقاشات لتقييم التجربة، ومحاولة قراءة التجربة، بشكل دقيق للتعرف على الاثار الايجابية، وتصويب الإخفاقات، بما يسهم في إعطاء مزيد من الزخم في الفترة القادمة.

التطور المتسارع في وسائل التواصل الاجتماعي، شكل بدوره عاملا اضافيا، في توسيع رقعة الانتشار للقضية الحسينية، حيث لعب الانترنت دورا حيويا، في احداث انقلاب كبير في مفهوم الاعلام، وكذلك القدرة على الوصول للمتلقي، فعملية التواصل مع العالم لا تحتاج سوى امتلاك جهاز صغيرة، للانطلاق للفضاء الرحب في مختلف أنحاء العالم، اذ شكلت مواقع الانترنت متنفسا واسعا، في نقل الثورة الحسينية للعالم، خصوصا وان التكلفة لا تقارن مع الميزانية المطلوبة، على تأسيس وديمومة القنوات الفضائية، فضلا عن امكانية الوصول بسهولة ويسر.

عملية النقل المباشر لمواقع التواصل الاجتماعي، شكلت بدورها عنصرا جديدا، في فك الحصار المفروض على الاعلام الحسيني، اذ باتت عملية النقل لا تتطلب سوى دقائق، مما يساعد على نقل الصورة المغايرة للإعلام المضاد، التي واصل عمليات التشويه الممنهجة، وغير المسبوقة، للقضية الحسينية خلال العقود الماضية، بمعنى اخر، فان الثورة التكنولوجية في الاتصالات، وسهولة التواصل مع العالم الخارجي، ساهم في نقل القضية الحسينية، من النطاق الجغرافي الضيق، الى الفضاء الخارجي الواسع، مما ساهم في القضاء على الجهود الكبيرة، المبذولة لتضييق الخناق على الجهات العاملة، في نشر المبادئ الحسينية المستوحاة، من معركة الطف الخالدة.

الاستجابة السريعة للمستجدات العصرية، والقدرة على التفاعل الايجابي، مع التطورات التكنولوجية، احدى العناصر المساعدة، لابقاء الوهج المتوقد للقضية الحسينية، في الضمير الانساني، لاسيما وان عمليات غسيل الدماغ الممارسة منذ عقود طويلة، تهدف الى فصل المجتمع البشري، عن اهداف ثورة سيد الشهداء ، وبالتالي فان التحرك وفقا للامكانيات المتاحة، يسهم في ابطال مفعول ”سحر“، بعض الجهات المتضررة، من تعريف الضمير الانساني بالقيم، التي حملها الامام الحسين ، عبر التضحية بكل ما يملك في نهار عاشوراء.

كاتب صحفي