آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:54 ص

أوتار تهتز

الصورة المثالية لحياة زوجية سعيدة ملؤها الحب وتبادل الكلمات العاطفية والشعور بالأمان والثقة مع شريك الحياة، وأجواء صافية وخالية تماما من أي مشاكل أو خلافات أو مناكفات وشجار، هي ما يحلم به الكثير من الشباب والفتيات ويحذوهم الأمل براحة بال دائم لا يتخلله ما ينغص علاقتهم المستقرة أو يدخلهم في دهاليز الشجار والأصوات الصاخبة!!

وتأتي المفاجأة بوقع ثقيل وغير متوقع، فحياته طيف وتشكيل من ساعة مرح وأخرى حزن وشجار وضيق نفسي، فتأخذه الحيرة وتعييه الأفكار في معرفة موطن الخلل والمشكلة، فلماذا لا يحظى بحياة سعيدة تماما كما خطط لها وانتظرها؟

ثقافة الحياة الزوجية جزء مهم مما ينبغي أن يتلقاه شبابنا، تقدم لهم فهما واقعيا بحقيقة العلاقة الزوجية وكيفية معالجة أي حوار ساخن أو نقطة خلافية بمنطق الحكمة والاستماع إلى الآخر، والوصول معه إلى حلول توافقية ترضيهما مع تقديم تنازل يحفظ الود بينهما، فالصراخ والعناد وسائل هدم وتصدع.

والأحاديث المتبادلة بينهما تبذر منابت الحب والتفاهم والتعرف على شخصية الآخر عن قرب، كما توفر فرصة ليبث شريك حياته له عن همومه ويستشيره في بعض الأمور، وللإنصات للآخر وقع مؤثر بنحو سحري فعال يبعث في نفسه الراحة والأمان الأسري والثقة به، ولا يوجد أي مبرر للصمت والتجاهل لوجود الآخر مهما كانت الظروف والمشاغل، فلا يمكن تصور النتائج العكسية لذلك.

فالبعض من الأزواج يتعلل بالدوام الطويل المجهد، وحاجته للتنفيس عن ضغوطه النفسية من خلال التواصل والجلوس مع أصحابه في الفترة المسائية أو لساعات طوال، وتبرير الزوجة انشغالها عن زوجها وتجاذب أطراف الحديث معه بأعباء المنزل والعمل وتربية الأولاد والتواصل مع صديقاتها لا يدفع الأثر السلبي لذلك في علاقتها بزوجها، فمن خلال تنظيم الوقت ووضع الأولويات يمكنهما المحافظة على تواصل مثمر ودائم بينهما، فالانسجام والتفاهم بين الزوجين هو ما يهبهما الاستقرار والقدرة على مواجهة الأزمات وأي خلاف ينشأ بينهما.

والضغوط النفسية والانفعالية في التعامل والحوار تصبان الزيت على النار، وضبط النفس وتجنب اتخاذ أي قرار أو الدخول في نقاش في اللحظات الحرجة، فمهما كان حجم أي مشكلة فإن التفكير بها والحديث عنها بين الزوجين في الأوقات العصيبة سيدخلهما في متاهة أكبر ويوتر علاقتهما ويسلبهما صفو وهدوء البيت السعيد الذي يجمعهما بالمحبة.

ولكل عش زوجي من الخصوصيات والأسرار ما يجب الحفاظ عليه ما بينهما بعيدا عن أي أحد، ومن الخطأ أن تكون تفاصيل حياتهما مسلسلا يعرض على شاشة يراها من يوصف بالقرب والثقة، وما يقع بينهما من خلاف لما يتوصلا فيه إلى حل، أو رأت صفة سلبية وتصرفا غير مقبول من شريك الحياة، فالحل يكمن في التواصل مع الأخصائيين الأسريين والاجتماعيين لعرض ما يضايقه، ويستمع منهم إلى الحل الأمثل في التخلص مما يؤذيه، أما بث الخصوصيات الزوجية فسيؤدي إلى مشكلة أكبر، إذ يرى الآخر أنه لا يثق به ويعرضه للانتقاص من الغير بعد حمل صورة سيئة عنه.

ومن الأمور المهمة وتحتاج إلى نظر وعناية خاصة بين الزوجين هي مراعاة اختلاف الشخصيات في طبائعها، فالرجل والمرأة في الأصل يختلفان في تكوينهما النفسي والعاطفي، كما أن البيئة والتربية التي تلقاها بلا شك تلقي بظلالها على شخصيته وتصرفاته وأسلوب تعامله، وما لا يعجبه في الآخر ليس من السهل تغييره فجأة، بل يحتاج إلى تفاهم وحوار وقناعة بذلك يتم في تواصل هاديء غير مستعجل، وأي عيب يرتكبه أو عادة سيئة يلحظها في شريك حياته عليه أن يتروى في التنبيه عليها حتى يختار للحوار معه حولها أفضل الكلمات وأرق الحديث.