آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

اصدقاء.. اعداء

محمد أحمد التاروتي *

يقع البعض في فخ الابتسامات الكاذبة، والاقوال المعسولة، مما يدفعه لفتح صندوق اسراره دون تحفظ، نتيجة الثقة المفرطة في الطرف الاخر، الامر الذي ينعكس بصورة سلبية على طبيعة العلاقة المستقبلية، حيث تبدأ مرحلة الابتزاز، واستغلال تلك المعلومات بطريقة استغلالية وسلبية، ”الثقة في كل احد نقصان في العقل“، مما يستوجب وضع ضوابط لطريقة التعاطي مع الاخرين، من خلال رسم خطوط حمراء، ومناطق محرمة، في شكل العلاقات الاجتماعية.

الانغماس غير المدروس في العلاقات الشخصية، عملية غير مطلوبة على الاطلاق، خصوصا وان البعض يحاول الاستفادة من نقاط الضعف، في ممارسة الضغوط على الطرف المقابل، حيث تختلف الاغراض والاهداف من وراء ممارسة الابتزار، فالبعض يتحرك وفق منهجية شخصية للسيطرة على الطرف المقابل، ومحاولة تحطيم جميع المحاولات للبناء الذاتي في المجتمع، فيما يسعى البعض الاخر للابتزاز المالي، والحصول على اكبر قدر من المكاسب المادية، بينما الطرف الثالث يتحرك وفق عملية التسقيط الاجتماعي، الامر الذي يدفعه لانتهاج شتى الطرق، للوصول الى صندوق اسرار الطرف المستهدف، فهو لا يتورع من اللجوء لاقذر الطرق، للحصول على تلك الاسرار، من اجل نجاح مهمة التسقيط الاجتماعي، ”الْكَلاَمُ فِي وَثَاقِكَ مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، فَإذَا تَكَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ فِي وَثَاقِهِ، فَاخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ وَوَرِقَكَ“.

الاختيار المناسب، واتخاذ الاتزان والوسطية في المواقف، وعدم التسرع في اطلاق الاحكام، على الاطراف المقابلة، عناصر اساسية في تفويت الفرصة على الطرف الاخر، في الوصول الى المرامي والاهداف المرسومة، فالتعامل بحسن نية تفسر لدى الاطراف الاخرى، كنوع من السذاجة، مما يتطلب الامساك بهذه الخيوط لتقيد الاطراف المستهدفة، بمعنى اخر، فان التحرك بوعي في اختيار الاصدقاء، يلعب دورا اساسيا لتفويت الفرصة، على ”الاصدقاء - الاعداء“، في الحصول على المعلومات السرية، خصوصا وان الحذر في مختلف الملفات امر ضروري، ”ليس كل ما يعلم يقال وليس كل ما يقال حان وقته“، وبالتالي فان الحفاظ على الاسرار، مرتبط بالقدرة على حفظ اللسان، وعدم البوح بكل شيء، فهناك امور لا تضر بمجرد اشاعتها او اظهارها، بينما توجد اشياء تشكل صيدا ثمينا، لاطراف تحاول الاصطياد، في الماء العكر، ”لا خير في صديق ضنين“، مما يستوجب الكتمان، وعدم البوح على الاطلاق.

الخطورة الكبرى، تكمن في اساءة اختيار الاصدقاء، فهناك صداقة قائمة على المشتركات، والمصير الواحد، فهذه النوعية من الصداقة قابلة للاستمرار، وعدم التأثر بالشائعات المغرضة مع تقادم السنوات، ”من النعم الصديق الصدوق“، وبالتالي فان التمحيص في الاختيار عنصر اساسي، في تفادي الوقوع في المطبات الابتزازية، بينما توجد صداقات عابرة وليست دائمة، فهي تقوم على مصالح شخصية وعابرة، مما يستدعي توخي الحذر في هذه النوعية من الصداقات، باعتبارها اساس المشاكل، و”وجع الرأس“، نظرا لمحاولة الاطراف الاخرى الاستفادة منها بشتى الطرق، الامر الذي يتطلب ابقاء مستودع الاسرار مقفولا على الدوام، " من لم يبالِ بك فهو عدوُّك "، و" احذر عدوك مرة واحذر صديقك الف مرة ".

كاتب صحفي