آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

مشاكل وحلول - 1

حافظ المحفوظ

عطفاً على المقال السابق الذي تم فيه تناول موضوع التخلف، نطرح هنا السلوكيات والممارسات والنشاطات التي يمكن من خلالها الارتقاء بمستوى الفرد وذلك بالأخذ بعين الاعتبار تجارب الآخرين الذين سبقونا في النهضة وبناء الحضارات، ولكن ليس بشكل حلول معلبة جاهزة، بل مفصلة ومصممة لبلادنا العربية مراعين فيها النواحي والظروف الاجتماعية والبيئية المختلفة. وإن كانت الشعوب في تجاربها الإنسانية متشابهة إلى حد كبير:

الترشيد في تناول المواد الغذائية والاستهلاكية تجنباً لإنتاج الفائض من هذه المواد على شكل قمامة، كما يجب تخصيص براميل مخصصة للزبالة والزجاج والورق والبلاستيك والعلب المعدنية.. الخ، كل على حده. ويجب أيضاً على المؤسسات الحكومية، ممثلة في البلديات، تشجيع هذا المنحى بعدة طرق؛ منها شراء المواد القابلة لإعادة التدوير من عامة الناس، والعمل على إعادة تدويرها بشكل علمي وتقني حديث، وفرض رسوم على المخالفين الذين يخلطون كل المواد مع بعضها البعض، وذلك من أجل بيئة صحية مستدامة.

إن على المؤسسات التي تردم البحار، مثل الأمانة والبلديات، التوقف عن هذا السلوك المسيء للبيئة بشكل كبير، فوراً، والاتجاه نحو الصحاري والمناطق غير الزراعية في إيجاد مساحات للمشاريع المختلفة. هذا السلوك يمكن أن يساعد في تقليل التصحر، من جهة وإيجاد فرص للأراضي المخصصة للبناء والمشروعات الصناعية والتجارية، من جهة أخرى.

إيقاف الرعي الجائر في المناطق التي ينبت فيها الكلأ بعد هطول الأمطار مكونة مسطحات خضراء تحافظ على التوازن البيئي وتستمطر السماء في مواسم المطر، كما يجب التوقف عن الري الزراعي الجائر، واستبدال ذلك بالأنظمة الحديثة من تنقيط وغيره. يجب، أيضاً، الحد من ملئ برك وأحواض السباحة في البيوت والاستراحات والمنتجعات مما يهدر الكثير من هذا المورد المهم والآيل للنضوب.

تستهلك مصانع الحليب والألبان كميات كبيرة من المياه المستخرجة من باطن الأرض، مما يضر مصادر المياه. على الشركات المنتجة قصر الإنتاج على حاجة البلد، دون السعي وراء التصدير للخارج، مما يمثل عبئاً على مخزون المياه لدينا واستنزاف هذه الثروة. يمكن، أيضاً، إعادة تدوير المياه بعد استخدامها في كل المجالات وجعله مصدراً من مصادر الري الزراعي.

يجب زرع النظام وحب واحترام النظام في النشئ الصغير بشكل تربوي أولاً وبشكل أساسي وملح ابتداءً من البيت، ومن ثم في المدارس ومؤسسات المجتمع المدني مثل النوادي الرياضية والمنتديات وغيرها، على خطى شعوب أخرى مثل الشعب الياباني، كمثال وليس للحصر، والذي يتعلم فيه طلاب المدارس إرجاع كراسيهم إلى مكانها وتنظيف الفصول وممارسات أخرى توحي بمدى الاهتمام بزرع روح المسؤولية وروح الفريق الواحد. ومن ثم يمكن تطبيق قوانين المخالفات والغرامات على من يسيء للأماكن العامة بإلقاء المخلفات والفضلات فيها.

الارتقاء بتفكيرنا وأحاديثنا اليومية عن كل ما هو مبتذل من القول، وكذلك عن الخوض في التراث والتاريخ بشكل يفسد علينا حاضرنا ومستقبلنا، نتيجة الخلافات من جهة، وتضييع أوقاتنا الثمينة في ما لا يعود علينا كأفراد وعلى مجتمعاتنا بالفائدة في حاضرنا ومستقبلنا. إذ يجب التوجه لقضايا الساعة ومشكلاتها بقدر معين من الوقت، وصرف أوقات أكثر على موضوعات المستقبل؛ من تربية وتعليم وتأهيل لصغارنا ولشبابنا من الذكو والإناث، دونما تفريق، نحو الإنتاجية والعمل الجاد من خلال التوازن العاطفي والعقلي تجاه أبنائنا وبناتنا الذين يحتاجون للحزم من جهة، وإيضاح أهمية العمل الجاد من أجل مستقبل زاهر للوطن.

استخدام التكنولوجيا في البحث عن كل ما يفيد البشر من أوراق علمية على الإنترنت تتناول مختلف التخصصات العلمية ومنها العلوم الاجتماعية والانسانيات، كما يجب متابعة التكنولوجيا من قبل الشباب بشكل كبير مما يساعدهم في زيادة سعة الأفق وتطوير المدارك والمساعدة في التفكير خارج الصندوق من أجل الابتكار الذي من شأنه رفع مستوى إنتاجنا العلمي والتقني، وذلك تجاه كل ما يحتاجه الجنس البشري في هذه الحقبة من الزمن.

إن السعي وراء التشخيص الصحيح لمشاكلنا هو المفتاح الأول في سلسلة المحاولات لإيجاد حلولاً فعالة وعملية، من شأنها المساعدة في حلول ناجعة تنفع البلاد والعباد.

وللحديث تتمة...