آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 3:27 م

«موديز» وآفاق نمو الاقتصاد السعودي

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

 خلال الشهر الجاري ”تشرين الأول «أكتوبر» 2018“ أكدت وكالة موديز التصنيف الائتماني للسعودية عند A1، ورفعت توقعاتها لنمو الاقتصاد السعودي للعام الجاري 2018 إلى 2,5 في المائة من 1,3 في المائة مع الحفاظ على رؤية مستقبلية مستقرة. الرئيسة، مع الإشادة بالانضباط المالي رغم الزيادة في إيرادات النفط.

واللافت أن تعزيز التصنيف السيادي للمملكة لم يكن مرتكزا فقط إلى تحسن أسعار النفط، بل نتج عن تحسن واضح في الإيرادات غير النفطية، التي نتجت بصورة أساسية نتيجة لتنفيذ الهيكلة المالية والاقتصادية التي كان قد أعلن عن تطبيقها كجزء من برنامج متكامل أعلن عنه في كانون الأول «ديسمبر» 2015، شمل 14 بندا واسعة التأثير، وردت بالتفصيل في البيان المرافق للإعلان عن الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2016، واستمر بمثابرة حتى الآن، وقد أدى إعادة هيكلة منظومة الدعم، وتحقيق موارد تسهم في استقرار إيرادات الخزانة العامة للدولة. وقد ترجمت عديد من تلك البنود إلى إجراءات محددة شملها أحد البرامج الرئيسة لتحقيق ”الرؤية السعودية 2030“، وهو برنامج تحقيق التوازن المالي 2020، الذي عدل لاحقا إلى 2023 لحفز النمو الاقتصادي، ويبدو أن ذلك أخذ يؤتي نتائج بالتدريج.

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن محصلة إعادة الهيكلة واللملمة المالية تجسد في مؤشرات منها تزايد الإيرادات غير النفطية بوتيرة متصاعدة، 126,8 مليار ريال في عام 2015 إلى 163,5 مليار ريال في عام 2016 إلى 256 مليار ريال في عام 2017، وبلغت 141,7 مليار ريال في النصف الأول من هذا العام 2018.

والوصول إلى الاستدامة المالية، واستقرار إيرادات الخزانة العامة هي المحصلة التي تسعى السياسة المالية لتحقيقها في المدى المتوسط، حيث إن الخزانة السعودية عانت على مدى عقود من تذبذب إيرادات النفط، ما أدخلها في دوامة لا تتوقف من تناوب فوائض وعجوزات تبعا لتذبذب الإيرادات النفطية نتيجة لأوضاع السوق النفطية وبالتالي سعر البرميل. وهكذا، فإن المسعى هو تحصين الخزانة العامة للدولة من تلك الذبذبات من إيجاد إيرادات مستدامة ومستقرة، ولا تعتمد فقط على الضرائب والرسوم، بل كذلك على إيرادات متعاظمة من عوائد الاستثمار، وكذلك اللجوء للسوق المالية لتغطية أي عجز من خلال إصدار أدوات دين، وبذلك يتحقق الاستقرار لإيرادات الخزانة، وقد اتضحت هذه الهيكلية جلية في ميزانية عام 2018؛ حيث شكلت الإيرادات النفطية 50 في المائة من الإيرادات، و30 في المائة إيرادات غير نفطية، و20 في المائة صكوك ”دين“.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى