آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

التنوير.. التسخيف

محمد أحمد التاروتي *

رفع راية التنوير تتطلب الكثير من الجهد على مختلف الاصعدة، فالعملية ليست قاصرة على شريحة دون اخرى، خصوصا وان مهمة النهوض من تحت الركام، بحاجة الى الجهود المشتركة، والكثير من الصبر والعمل الجاد، بمعنى اخر، فان محاولة حصر العملية في شريحة دون اخرى، يكشف عن الكثير من القصور، وعدم القدرة على استضاح الصورة، بشكل كامل، وبالتالي فان مبدأ الاستفادة من الطاقات على اختلافها، ينبغي اعتماده في مختلف الخطوات وجميع البرامج، فالعملية لا تختص بانجازات شخصية، بقدر ما تمس المحيط الواسع.

وضع الخطة المتكاملة، والمستندة على العوامل الداخلية، ومعالجة الاشكالات، ومراعاة المتغيرات الخارجية، يمثل خطوة اساسية لبدء مشوار الالف ميل، خصوصا وان التخبط والسير بدون هدف واضح، يترك اثارا سلبية على المستوى الاجتماعي، مما يستدعي التحرك بشكل دقيق، لقطع الطريق امام ارتكاب الاخطاء الكارثية، بمعنى اخر، فان وضع البرنامج الطموح لقيادة الامة، بالاتجاه التنويري عمل مشروع، بيد ان العبرة في الاليات المستخدمة في تنفيذ البرنامج، فالتراخي والاستهتار لا يجلب سوى الويلات، والخيبة والخسران في النهاية.

عملية التنوير مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة على الاطلاق، خصوصا وان الارادة الصادقة، والعزيمة القوية، اسلحة قادرة على تطويع الصعاب، وقهر جميع مفردات الاحباط، بمعنى اخر، فان التحرك باتجاه النهوض الشامل للامة، مرتبط بوجود عناصر قادرة، على وضع الامور في المسار الصحيح، لاسيما وان الخطوة الاولى الصحيحة تقود للوصول الى نهاية الطريق، بخلاف السير في الطريق الخاطئ، فان النتيجة الضياعم وعدم الوصول الى نهاية الجادة، مما يعني المزيد من اضاعة الوقت، واهدار الجهد والمال، بدون حصد النتائج المرجوة.

تجنب الاصوات الشاذة، والمشككة في القدرة على النهوض، وتحقيق الهدف المنشود، امر اساسي لمواصلة ماراثون تحدي التنوير، لاسيما وان الاصوات المشككة تسعى لادخال اليأس في النفوس، سواء لايمانها بعدم وجود المقومات الاساسية، لتسلق سلم التنوير، او بسبب جهلها التام بوجود الامكانيات اللازمة، للوصول الى الهدف المنشود، مما يدفعها لرفع الصوت عاليا، في وجه الاصوات الداعمة، لمسيرة التنوير الشامل، بمعنى اخر، فان تجاهل تلك الاصوات غير الصحية، خطوة اساسية في قطع الطريق بالاتجاه المرسوم، فالاستسلام في البداية او في منتصف الطريق، يصيب مشروع التنوير بمقتل، مما يعرقل عملية التفكير مجددا، في اعادة المشروع خلال السنوات القادمة.

مرض التسخيف من الامراض الخطيرة، التي تعاني منها بعض الفئات الاجتماعية، فهذه الفئات تحاول قتل روح المثابرة، والمبادرة لدى الاخرين، فتارة من خلال رفع شعارات المصلحة العامة، وعدم اضاعة الوقت، في مشاريع كبرى بحاجة، الى امكانيات كبرى ليست متاحة حاليا، وتارة اخرى من خلال التشكيك في نوايا العناصر الداعمة، لمشروع التنوير، لاسيما وان المشروع يتطلب الكثير من الجهود، على المستويات العالية، فيما التحرك بشكل غير متوازن يستدعي التوقف مليا، في الاليات المستخدمة في الدعوة، لتفعيل مشروع التنوير، بمعنى اخر، فان دعوات التسخيف تنطلق احيانا من نوازع داخلية، مرتبطة بمخاوف ليست واقعية على الاطلاق، فهذه النوعية من المشاغبات تحدث حالة من الاحباط في النفوس، وبالتالي فان التجاهل يمثل الخيار المناسب للقضاء، على هذه الامراض غير الصحية.

كاتب صحفي