آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 12:40 م

سياسة التسويف

محمد أحمد التاروتي *

اعتماد سياسة التسويف في الممارسات الحياتية، اشكالية كبرى لدى شرائح اجتماعية، فالفوضى وغياب الاطار التنظيمي في تنظيم شؤون الحياة، يمثل احد الاسباب وراء اتخاذ مبدأ ”تأجيل عمل اليوم الى الغد“، مما يفاقم الكثير من الملفات الحياتية، نظرا لعدم القدرة على انجازها بشكل طبيعي، الامر الذي يقود الى الضياع، وعدم التحرك وفق اجندة واضحة، في مختلف المعاملات اليومية، بمعنى اخر، فان التسويف يمثل اشكالية حقيقية في ضياع البوصلة القادرة، على احداث تحولات جذرية، في التعاطي مع القضايا الحياتية.

التداعيات المترتبة على سياسة التسويف كارثية، على الكثير من الشرائح الاجتماعية، فالاثار ليست مقصورة على نطاق ضيق، بل تشمل الكثير من الجوانب، لاسيما وان تشابك العلاقات الاجتماعية، وترابط المصالح البشرية، يسهم في توسيع الدائرة بشكل كبير، فالتأخير الذي يطال احدى الملفات تظهر تداعياته، على الكثير من الجهات سواء المباشرة، او غير المباشرة، مما يستدعي وضع اطار قانوني حازم، للقضاء على هذه الظاهرة الاجتماعية المدمرة، نظرا للتخريب الشامل الذي تتركه على الصعيد الشخصي، والاجتماعي في الوقت نفسه.

غياب التعامل الصادق، وانعدام المسؤولية، وممارسة الخداع الذاتي، او الاجتماعي، عوامل اساسية في تكريس مبدأ التسويف في المعاملات الحياتية، فانعدام القيم الاخلاقية في التعاطي مع الاخرين، يسهم في استخدام الاساليب الملتوية، للتهرب من المسؤولية، والتراخي في انجاز الاعمال في الموعد المحدد، خصوصا وان البعض يحاول تبرير التسويف بوجود فترة زمنية طويلة، مما يجعله يتراخي في التعاطي، عوضا من المبادرة والعمل فوري مع المعاملات، الامر الذي ينعكس بصورة سلبية على تلك الانجاز، مع اقتراب الموعد المحدد، بمعنى اخر، فان الارادة الصادقة وتحمل المسؤولية، تجاه الذات للظهور بالمظهر اللائق، يشكل احد العوامل في تشكيل المنظومة الاخلاقية، مما ينعكس بصورة مباشرة على الانجاز العاجل، للمعاملات على اختلافها.

وضع البرنامج اليومي الصارم، والعمل على تحقيق النجاح في الاعمال، عناصر مساعدة في القضاء على ظاهرة ”التسويف“، فالمرء المنظم في حياته يشق طريقه، بشكل مستقم باتجاه الاهداف المرسومة، مما يجعله قادرا على التعامل المثالي مع مختلف الامور بصورة جادة، الامر الذي يتبلور على شكل انجازات حقيقية على الارض، نظرا لوجود رغبة حقيقية، في التحرك باتجاه النجاح، وبالتالي فان الاهداف تمثل الطريق نحو الانجاز على الارض، بمعنى اخر، فان الانسان الذي لا يمتلك رؤية، ويفتقر للهدف واضح في الحياة، يلجأ الى التسويف، باعتباره الوسيلة للتواري خلف الفشل، في التعامل مع الممارسات الحياتية، مما يستدعي وضع الرؤية الواضحة، في مختلف الاعمال للحصول على النتائج المرجوة.

مرض التسويف لا يقتصر على جوانب محددة، فهو ينتشر في الكثير من الممارسات اليومية، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على تدني مستوى الانتاجية، لدى العديد من المجتمعات البشرية، فيما الثقافة القائمة على تحمل المسؤولية، والتحرك العملي، تفرض ايقاعات مختلفة على البيئة الاجتماعية، مما يترجم على مجموعة الانجازات في مختلف المجالات الحياتية، وبالتالي فان القضاء على ظاهرة التسويف، بمثابة المفتاح للدخول في عالم الانجاز، والانخراط في ركب الامم المتقدمة، بينما التراخي والخمول، لا يجلب سوى الخيبة والضياع.

كاتب صحفي