آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

التكامل الانساني

محمد أحمد التاروتي *

التحرك باتجاه تطوير الذات، ومساعدة الاخرين عامل حيوي، في اشاعة الاجواء الانسانية، سواء في المحيط القريب او البعيد، لاسيما وان التركيز على اسعاد الاخر يولد حالة من الرضا، والاستقرار النفسي، ”الابتسامة في وجه اخيك صدقة“، بمعنى اخر، فان امتصاص ردات الفعل السلبية، تتكامل مع تكريس اللغة الاحتوائية، ونبذ اللغة الطاردة، وبالتالي فان عملية التكامل الانساني مترابطة، بعدة حلقات خلال المسيرة الحياتية، فهي لا تختصر في مرحلة محددة، بعيدا عن المراحل الاخرى، خصوصا وان التكامل الانساني لا يأتي دفعة واحدة، بقدر ما يكون بشكل متدرج.

التجارب الحياتية احد المرتكزات الاساسية، في تبني القناعات الذاتية لمختلف القضايا، فالمرء يكتسب الخبرات في الاليات المناسبة بالتعاطي مع الاخرين، من خلال الاحتكاك اليومي والمباشر، مما يجعله قادرا على الاختيار الملائم، عوضا من التخبط في الاتجاهات المختلفة، ”اسأل مجرب ولا تسأل طبيب“، ”في التجارب علم مستحدث“، وبالتالي فان التجربة قادرة على صقل التفكير الانساني في مختلف الاصعدة، بمعنى اخر، فان الحياة مدرسة قادرة على تمحيص الانسان، مما ينعكس على طريقة التعامل مع الاخر، والتحرك بالاتجاه الايجابي، خصوصا وان عملية التكامل الانساني بمثابة نتاج للتراكم الثقافي، المستمد احيانا من البيئة الاجتماعية

التكامل الانساني هدف سامي، باعتباره مدخلا لتوثيق العلاقات البشرية، بما يحقق الصفاء النفسي، والاستقرار الحياتي، لاسيما وان عملية التكامل بحاجة الى بيئة اجتماعية قادرة على الاحتضان، عوضا من البيئات القائمة على التشاحن والتصادم، وبالتالي فان وجود بيئة جاذبة للعمل الانساني، يحفز على تكريس هذه البذرة في النفوس، فيما البيئة الطاردة تقتل هذه البذرة في مهدها، بمعنى اخر، فان البيئة الجاذبة تدفع باتجاه تهيئة البيئة الاجتماعية، للتسامي عوضا من التصادم، نظرا للاثار الايجابية المترتبة على انتشار التكامل الانساني في المجتمع، باعتباره احد العوامل الداعمة لمبدأ ”التكاملف الاجتماعي“ بمختلف اشكاله.

التصادم مرتبط بالنوازع الداخلية، والاطماع الشيطانية في الغالب، الامر الذي يستدعي خلق الاجواء المناسبة، لنمو بذرة الخير في النفوس، وقطع الطريق امام انتشار عوامل الشقاق، وتنامي الاهواء في النفوس قدر الامكان، لاسيما وان عملية القضاء على الاهواء والاطماع، من الصعوبة بمكان، نظرا لوجود صراع دائم بين النفس الامارة بالسوء والضمير الانساني ”تأنيب الضمير“، بيد ان الاجواء الصالحة تسهم في الابتعاد عن النوازع الشريرة باتجاه العمل الخيري، الامر الذي يفسر الحرص على اختيار الصديق الصالح والابتعاد عن الرفيق الطالح، بمعنى اخر، فان المرء بامكانه وضع الاطار المناسب للمسيرة الحياتية، وفقا لمجموعة القيم الاخلاقية التي يتبناها، مما يدفعه للاختيار الصائب وترك الخيارات السيئة، مما يشكل حالة ايجابية في سبيل تجسير طريق التكامل الانساني في نهاية المطاف.

الحالة الانسانية الايجابية قادرة، على اشاعة السعادة في النفوس، وادخال البهجة في القلوب، فهناك الكثير من الممارسات الصغيرة قادرة، على احداث انقلاب حقيقي، في المحيط الاجتماعي الصغيرة او الكبيرة، مما يستدعي تشجيع هذه الممارسات عبر الدعم المباشر وغير المباشر، الامر الذي يحدث حالة من الرضا في النفوس، وبالتالي نشر العمل الانساني بمختلف الطرق المتاحة، بمعنى اخر، فان التكامل الانساني قد يبدأ صغيرا عبر مبادرات متواضعة، ولكنه سرعان ما يتحول الى ثقافة اجتماعية سائدة.

كاتب صحفي