آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 8:31 ص

وُلد الهدى

محمد أحمد التاروتي *

تباشير التغيير الجذري والشامل، انطلقت قبل ولادة نبي الرحمة ﷺ، من خلال بشارة جميع الانبياء ببركة بني اخر الزمان، فالبشرية كانت في شوق ولهفة، لإطلالة نور رسول الرحمة، بغرض اعادة البشرية للجادة الصواب، وازالة الشوائب المادية، والمعنوية عن الفطرة السليمة، الامر الذي يفسر حرص اليهود على استيطان المدينة المنورة، قبل مولده الشريف بعقود طويلة.

ارهاصات التغيير الشامل، ترجمت منذ اللحظة الاولى، لولادته الميمونة في عام الفيل، حيث ارتج ايوان كسرى، وسقطت منه أربعة عشرة شرفة، وغارت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، وتساقطت جميع الأصنام على وجوها، فهذه العلامات تعطي دلالة واضحة على المشروع الإلهي، الذي يحمله بني الرحمة للبشرية جمعاء، حيث تشمل جميع القوى العظمى الحاكمة انذاك، بالاضافة لتنظيف الكعبة المكرمة من براثن الأصنام.

الاحداث الجسام التي تزامنت، مع ولادة رسول الاسلام «ص،» حفرت في الذاكرة، وباتت حديث الجميع في تلك الفترة الأزمنية، مما يعطي صبغة عالمية على الرسالة الاسلامية، فالعلامات لم تقتصر على منطقة جغرافية ضيقة، او اقتصرت على مكة المكرمة، وإنما شملت كافة العواصم الكبرى انذاك، وبالتالي فان الولادة الميمونة أصبحت الحدث الابرز انذاك، الامر الذي دفع للاستفسار على الحدث العظيم، الذي شمل الدنيا بأسرها.

فالولادة الميمونة تشكل انعطافة مفصلية، في مسيرة البشرية الى يوم القيامة، خصوصا وان الرسالة التي يحملها الرسول ﷺ، قادرة على التأقلم مع التحولات الاجتماعية، بما يساعد على استمرار وهجها على الدوام، بمعنى اخر، فان التحولات الكبرى التي تزامنت مع إطلالة نور خير البشرية تعطي انطباعات، ببدء عصر جديد يَصْب في صالح البشرية، وينسجم مع الفطرة السليمة، لاسيما وان الوثنية وعبادة النيران، وغيرها من الممارسات الشركية، تتناقض مع الهدف السامي لخلق الانسان.

التحولات الكبرى مع ولادة خير البشرية، بمثابة مقدمة للبركة القادمة، لاسيما وان الجميع بات على دراية، بعظمة المولود في مكة المكرمة، فالعلامات الكبيرة مقرونة بشخصية ستقود البشرية للهداية، تؤسس لمرحلة جديدة مغايرة تماما للحقب الماضية، بمعنى اخر، فان العلامات الكبرى التي تزامنت مع ولادة نور الرحمة ﷺ، هيأت النفوس بشكل او باخر، بولادة مشروع الهي كبير، خصوصا وان البشرية كانت تتطلع لقدوم نبي اخر الزمان، وبالتالي فان الفطرة السليمة لا تجد سوى الايمان بالرسالة المحمدية، باعتبارها طوق النجاة من التخبط الذي تكابده البشرية، وانتشار عبادة الأوثان في الكثير من بقاع الارض.

استطاع رسول الرحمة ﷺ، في غضون عقدين من الزمن تحقيق المعجزة الالهية، من خلال تنظيف الجزيرة العربية من عبادة الأصنام، ونسف الأصنام المنصوبة فوق الكعبة المشرفة، وكذلك انهاء المؤمرات اليهودية، عبر العديد من الحروب الدفاعية، التي خاضها ضد قريش واليهود، فضلا عن احداث تغييرات جذرية في المنظومة الثقافية السائدة لدى القبائل العربية، الامر الذي تمثل في ازالة الطبقية داخل المجتمع الواحد، " لا فرق بين عربي ولا اعجمي الا بالتقوى ".

كاتب صحفي