آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

نريد تقريرا اقتصاديا الشهر القادم

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

أخذت وزارة المالية خطوة غير معتادة الشهر الماضي، عندما أعلنت البيانات الأولية لميزانية عام 2019، مبينة من خلال ذلك الإعلان أنها ستكون تاريخية من حيث تجاوز إنفاقها تريليون ريال. وقد سبق ذلك خطوة معززة للشفافية تتمثل في نشر بيانات الإنفاق والإيراد للخزانة العامة بوتيرة ربع سنوية. والبيانات المالية مهمة لاشك، وما يوازيها في الأهمية البيانات الاقتصادية  الاجتماعية، كلما صدرت بيانات فصلية عن أداء أحد الاقتصادات أتساءل: لماذا لا تصدر بيانات رسمية مماثلة تبين الوضع الاقتصادي في المملكة؟ وبذلك يتضح أين يذهب الضخ الذي تنفقه الحكومية لتنفيذ أنشطتها المتعددة. ولا سيما أن الإنفاق الرأسمالي عاود النمو بوتائر متصاعدة، اعتبارا من هذا العام، ومن المتوقع أن يتواصل التصاعد العام القادم كذلك. ولذلك فمن المناسب التهيؤ لاجتماع مهيب نهاية الربع الأول من العام الجديد  مثلا  للإعلان عن ”جردة حساب“ عن أداء العام المنصرم من النواحي الاقتصادية وعلى مستوى كل قطاع ونشاط ومضاهاة ذلك بالمستهدف في ”الرؤية“ وبرامجها، ولا سيما برنامج التحول الوطني، وسرد المشاريع ووضع كل منها من حيث التنفيذ والاكتمال وأسباب أي تعثر، إن وجد.

وإن أردنا إعطاء ”جردة الحساب“ بعدا إضافيا، فيمكن احتساب مؤشرات التنمية البشرية ونقيس الاتجاه والوتيرة التي دفعتها به إنفاق الميزانية، بل ويمكن إصدار ذلك على مستوى المنطقة والمحافظة والبلدة والقرية والهجرة، بما في ذلك قياس أثرها في النواحي الاقتصادية  الاجتماعية، وبما في ذلك التغير في مستوى الرفاهية ومتوسط دخل الفرد ومعطيات الاقتصاد المحلي في كل منطقة حضرية، بل حتى عدد الوظائف الجديدة التي ولدها الاقتصاد وما نصيب المواطنين منها، وما رحل منها للعمالة الوافدة. الهدف من كل هذا رصد تطور التنمية الاجتماعية والنمو الاقتصادي على وجه التحديد، من حيث: الإنفاق والتنفيذ والتأثير بما يؤدي إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطن، باعتبار أن ذلك هو المحور، فمثلا جميعنا يدرك أن الميزانية العامة السنوية للدولة هي أداة لتنفيذ برامج مقرة، وأن هناك أداء مستهدفا وأهدافا محددة وعامة، وهي بالإجمال أهداف قابلة للقياس، فلماذا لا ننشر إحصاءات تفصيلية ربعية، ونرصد نتائجها سنويا، ونعلن نتيجة ذلك القياس على الملأ؟ وما يشجع على هذا الأمر أن وزارة الاقتصاد والتخطيط قدمت مع إعلان ميزانية العام المالي تقريرا اقتصاديا، في بادرة غير مسبوقة، إذا جرت العادة أن تعلن الميزانية ويصاحبها بيان من وزارة المالية، وليس من شك أن الصورة ستكتمل مع التقرير الاقتصادي.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى