آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

فكاهة.. تراجيديا

محمد أحمد التاروتي *

الفكاهة السوداء تصبح الملاذ الوحيد للتعبير عن الامتعاض، والاستنكار جراء تردي البنى التحتية، التي تظهر جليا مع زخات المطر، فقد انعكست الفكاهة السوداء عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، حيث ابتكر المواطنون العديد من الأساليب، المعبرة عن الامتعاض جراء انعدام الخدمات المطلوبة، خصوصا وان الوعود الكثيرة بتحسن مستوى الخدمات، سرعان ما تختفي باختفاء موجة الغضب، المصاحبة مع غرق الشوارع بكميات الامطار.

أصبحت الفكاهة السوداء طريقة سريعة، لايصال الرسالة للجهات المختصة، خصوصا وان الطرق الاعتيادية لم تعد مجدية، مما يستدعي ابتكار المزيد من الطرق، لاحداث صدمة لدى اصحاب القرار، من اجل تحريك الامور في الاتجاه المناسب، مما يؤسس لمرحلة اكثر اشراقا، وجولة مغايرة تماما للمراحل السابقة، لاسيما وان المشاريع التي وضعت على الورق لتطوير البنى التحتية، لم تغير من الواقع البائس.

شعار المواطن مع موجات الامطار الغزيرة، ”شر البلية ما يضحك“، فالانسان يحاول رسم البسمة على الوجوه عبر استخدام الفكاهة السوداء، خصوصا وان الضحكة احيانا اكثر تأثيرا من الخطب الرنانة، ”اللبيب بالإشارة يفهم“، اذ يحاول المواطن وضع الجميع امام المسؤولية، والتحرك الجاد عوضا من إطلاق الوعود، ومحاولة امتصاص الغضب بطرق مختلفة، مما يستدعي البحث الدائم عن الطرق الابتكارية القادرة، على اختراق العقول المتحجرة، الامر الذي يقود لتحريك الملفات العالقة، بشكل اسرع.

استخدام الفكاهة السوداء ليس اسلوبا جديدا، فهذه الطريقة معروفة على نطاق واسع، لدى مختلف الشعوب، بيد ان الاختلاف يكمن في طريقة التوظيف، والقدرة على الاستفادة الحدث بطريقة احترافية، مما يسهم في إيصال الرسالة بأسلوب فكاهي، بمعنى اخر، فان الفكاهة السوداء تحمل في طياتها جبالا من الهموم، والعديد من الانتقادات، بيد انها تتخذ من البسمة وسيلة للوصول الى اصحاب الشأن، وبالتالي فان هذه الطريقة باتت وسيلة العاجز، او الطرف غير القادر على إيصال الغضب، او الاستياء من تدني البنى التحتية.

ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعة الانتشار في اتساع دائرة الفكاهة السوداء، فالجميع يلاحظ انتقال المقاطع الفكاهية بصورة رهيبة، بمجرد هطول الامطار، لاسيما وان الفيضانات التي تحتاج الطرق والاحياء، تدفع باتجاه استخدام ”الاستنكار“ الذكي بشكل واسع، مما يعطي دلالة على ارتفاع مستوى الوعي، لدى المواطن في تسخير التقنية، للارتقاء بمستوى الخدمات، بمعنى اخر، فان الفكاهة السوداء باتت سلاحا فعالا في تجاوز البيروقراطية، او التراخي في الرفع بمستوى الخدمات، وتطوير البنى التحتية، من اجل انهاء المآسي التي تعقب هطول الامطار سنويا، لاسيما وان مناظر فيضانات الطرق، وتعطل المركبات لم تعد مستغربة على الاطلاق، مما يستدعي ايجاد الحلول المناسبة، للقضاء على تعطل الحركة المرورية، مع هطول الامطار.

الفكاهة السوداء تأتي لتفضح التصريحات، التي تسبق مرسم الامطار، فهذه التصريحات تضع القمر في يد، والشمس في اليد الاخرى، من خلال تشكيل الفرق وصيانة شبكات الصرف، بيد الامطار جاءت لتنسف تلك الاستعدادات، مما يفرض استخدام الفكاهة السوداء للتعبير عن حالة الرفض، وعدم الاستسلام تحت تأثير التنويم المغناطيسي، الذي تمارسه بعض الجهات لامتصاص الغضب.

كاتب صحفي