آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:08 ص

التفكير الايجابي

محمد أحمد التاروتي *

المواقف على اختلافها مرتبطة بالنظرة الشخصية، فالشخص الايجابي لا ينظر للنصف الفارغ من الكأس، وإنما يركز على النصف المملوء من الكوب، مما ينعكس على طريقة معالجة الامور بعيدا عن حالة التشاؤم، التي تصبغ الكثير من المواقف السلبية، الامر الذي يمهد الطريق للانطلاق بعزيمة وثبات، في تحطيم القيود المادية والمعنوية، بحيث تترجم على شكل حلول عملية لتجاوز المحن، ورفض التوقف امام العراقيل، التي تعترض الطريق، نظرا لوجود قناعات راسخة بضرورة إبراز الجانب المشرق على الوجه المظلم، بمعنى اخر، فان التحرك الايجابي قادر على تحطيم الحواجز على اختلافها، مما يساعد على البحث الدائم عن الحلول، للتخلص من العقد التي تعيق حلحلة الامور بشكل سلس.

تنطلق النظرة الايجابية من مجموعة القيم الاخلاقية التي يحملها المرء، سواء من ناحية التعامل مع الاخر بعيدا عن سوء النية، ”احمل أخاك على سبعين محمل“، وكذلك الامر بالنسبة للمحيط الاجتماعي، فالتعامل بايجابية يدفع باتجاه العمل نحو مزيد من التقدم والتطور، باعتباره جزء اساسي من المسؤولية تجاه المجتمع، الامر الذي يتمثل في إطلاق العديد من المبادرات، الهادفة لإشاعة روح التنافس، وتحريك المياه الراكد في البيئة الاجتناعية، للقضاء على الحالة السلبية لدى الشريحة الكبرى، من اجل تكريس التفاؤل في النفوس، ومحاربة ثقافة اليأس التي تقتل روح المبادرة، وتسهم في إشاعة السلبية على الدوام.

الايجابية احد المحركات الاساسية للإبداع في مختلف المجالات، نظرا لوجود ثقافة اجتماعية داعمة لروح المبادرة، مما يعطي اصحاب الابداع طاقة كبرى، للانطلاق بقوة نحو ترجمة الافكار، الى مشاريع ملموسة على الارض، الامر الذي يسهم في بزور الكثير من الكفاءات للسطح، نتيجة وجود بيئة قادرة على الاستيعاب، والتشجيع المستمر، بحيث تترجم عمليا عبر احتضان مختلف الإبداعات، باعتبارها الوقود القادر على الانتقال بالمجتمع من واقع لاخر مختلف تماما.

النظرة الايجابية ثقافة قادرة على بث الحياة في المجتمع، فالبيئة الاجتماعية النابضة بالحياة تخلق حالة من الانسجام، والتحرك الجاد لتقليص الخلافات ضمن النطاق الطبيعي، من خلال رفض كافة اشكال توسيع دائرتها، الامر الذي يساعد على تطويقها في البداية، قبل التحرك لإنهائها بشكل نهائي، وبالتالي، فان التفكير الايجابي يتحرك ضمن المصلحة الجماعية، عوضا من تغليب المصالح الذاتية، مما يعود على البيئة الاجتماعية بالعمل المشترك، بمعنى اخر، فان السلوك الايجابي قادر على امتصاص الأصوات الشاذة، وتطويعها لما يعود على الجميع بالفائدة الكبرى.

بخلاف النظرة التشاؤمية التي تكرس حالة الوحدة، والعمل الفردي، نظرا لوجود ثقافة سلبية، لا ترى سوى الجانب الفارغ من الكأس، الامر الذي يسهم في عرقلة جميع المشاريع الاجتماعية، وبالتالي إشاعة ثقافة الاحباط في النفوس، نظرا لانعدام البيئة الداعمة لانتشار الروح الجماعية، بمعنى اخر، فان الاختلاف في الحراك الاجتماعي بين المجتمعات، مرتبط بإشاعة الحالة الايجابية، او سيطرة النظرة السلبية، وبالتالي فان الثقافة الاجتماعية تلعب دورا محوريا في تحديد اتجاهات الحياة، مما يستدعي وضع الإطار السلوكي القادر، على انتشال المجتمع من الحالة السلبية، وتكريس النظرة الايجابية في مختلف مفاصل الحياة

كاتب صحفي