آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

مؤكداً على أن العمل التطوعي يحظى في التراث الديني بمخزون قيمي محفز

الشيخ اليوسف: العمل التطوعي يرتقي بالمجتمع ويعزز القيم الاجتماعية والإنسانية

أريشفية
جهات الإخبارية

أكد الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف في خطبة الجمعة على أهمية العمل التطوعي في الارتقاء بالمجتمعات الإنسانية، فالأعمال التطوعية والخيرية عامل رئيس من عوامل بناء المجتمع القوي والمتقدم والمتطور والمتماسك، ولا يمكن أن يتقدم أي مجتمع ويتطور في ظل غياب المبادرات التطوعية الكبيرة.

وأضاف: للعمل التطوعي الفعال أثر كبير في تنمية وتطوير المجتمع، كما أنه يساهم في خلق الأجواء الإيجابية والمحفزة عند أفراد المجتمع للمساهمة في مختلف مجالات وميادين العمل التطوعي، ويعزز من القيم الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية بين الطبقات الاجتماعية المختلفة.

وتابع: حظي العمل التطوعي في التراث الديني بمكانة عالية من الاهتمام والتركيز والعناية؛ ولا تكتفي النصوص الدينية بالحث والتحريض عليه، بل تجعل من عمل الخير مصداقاً من مصاديق العبادة، وهو من أفضل الأعمال الصالحة. يقول الله تعالى: ﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وقوله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

وقال - بمناسبة اليوم العالمي للتطوع والذي يصادف 5 ديسمبر من كل عام -: نجد في تعاليم الإسلام وتوصياته تركيزاً كبيراً على اتساع مفهوم الصدقة كأحد روافد العمل التطوعي، فالصدقة ليس فقط إعطاء الفقير ومساعدة المحتاج فحسب؛ بل إن النبي يعتبر إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وإرشاد الجاهل صدقة، وعيادة المريض صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، فقد رُويَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّه قالَ: إنَّ على‏ كُلِّ مُسلمٍ في كلِّ يَومٍ صَدَقةً، قيلَ: مَن يُطِيقُ ذلكَ؟

وأضاف: إن النبي أوضح للناس إن أي معروف صدقة؛ يقول ﷺ: «كُلُّ مَعروفٍ صَدَقةٌ»، وأفضل الصدقة التعليم، فقد ورد عنه ﷺ: «أفضَلُ الصَّدَقةِ أن يَتَعَلَّمَ المَرءُ المُسلمُ عِلماً ثُمّ يُعَلِّمَهُ أخاهُ المُسلِمَ». فمجال الصدقة واسع وكبير جداً، وهو لا يقتصر على مساعدة المحتاجين والفقراء والمعوزين فقط، بل يشمل الكثير من المجالات والأعمال الخيرية والتطوعية، ويزداد أهمية هذا الأمر إذا علمنا مكانة الصدقة باعتبارها قيمة إسلامية تعود على صاحبها بالأجر والثواب الجزيل.

وقال الشيخ اليوسف: يشيع في تراثنا الديني استخدام مفهوم فعل الخير للدلالة على الأعمال التطوعية والخيرية، وكلمة «الخير» تشير إلى أنه من أفضل الأعمال الصالحة، والغاية من فعل الخير عند المؤمن هو حب الله تعالى، والحصول على رضاه، وليس الحصول على مكاسب شخصية أو منافع دنيوية ضيقة.

وأوضح: أن فعل الخير في المنظور الإسلامي يشمل كل ما يُسمى «خيراً» وفيه فائدة للإنسان نفسه، أو للمجتمع، أو للأمة، أو للإنسانية جمعاء.

وقال: عندما تكثر في أي مجتمع روح المبادرة إلى فعل الخيرات، والإتيان بالأعمال النافعة، وتأسيس المشاريع العلمية والثقافية والصحية وغيرها يتقدم المجتمع ويزدهر، ويرتقي نحو سلالم المجد والكمال.

ولفت إلى أن القرآن الكريم يؤكد في آيات عديدة على أهمية المبادرة والمسارعة في فعل الخيرات، وذلك لأهميتها في تقدم الأفراد والمجتمعات، يقول تعالى: ﴿وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وكقوله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ.

ورأى أن التنافس على القيام بمبادرات اجتماعية أو ثقافية أو علمية أمر مطلوب، لأنه يؤدي إلى تطور المجتمع وتطوره، فالمجتمع الذي تكثر فيه المبادرات ويتنافس أفراده على فعل الخيرات، ويتسابق أهله على تشييد وبناء المؤسسات التطوعية والخيرية؛ يتصف بأنه مجتمع حي وناهض وفاعل.

وشدد على أن المجتمع أحوج ما يكون إلى تنمية روح المبادرة بين أفراده من جهة، ومؤسساته من جهة أخرى؛ إذا ما أردنا أن يكون مجتمعنا مجتمعاً قوياً وفاعلاً ومتقدماً ومتطوراً.

وانتقد المجتمع الذي يكثر فيه الكلام، ويقل فيه العمل، ويترامى أفراده إلقاء المسؤولية على بعضهم البعض، ويتحدثون عن المفروضات على الآخرين، ويتناسون القيام بواجباتهم، فهذا المجتمع سيراوح مكانه، ولن يتقدم نحو الأمام؛ بل سيعيش حالة من التراجع المستمر والتقهقر نحو الوراء.

وأشاد من جهة أخرى بالمبادرات التطوعية والخيرية الموجودة في المجتمع، داعياً إلى المزيد من المبادرات التي تخدم المجتمع، وتنمي مواهب وقدرات أفراده، وتعزز من الثقة بأنفسهم والاعتزاز بذواتهم.

ودعا أفراد المجتمع إلى المساهمة الفعالة في كل المؤسسات التطوعية والخيرية كالجمعيات الخيرية والنوادي الرياضية واللجان الدينية والعلمية والثقافية للإسهام بخدمة المجتمع ورقيه.

وانتقد عزوف بعض الشباب عن الانخراط في الأعمال والمؤسسات واللجان التطوعية، مؤكداً أن أي مجتمع إنما ينهض ويتطور بأفراده ونشاطهم التطوعي.