آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

اوبك.. الضغوط

محمد أحمد التاروتي *

قرار اعضاء اوبك بخفض الانتاج 1,2 مليون برميل يوميا، يأتي لاحداث توازن بين العرض والطلب، نظرا لوجود تخمة في المعروض في السوق النفطية، الامر الذي ساهم في الضغط على الاسعار في الفترة الماضية، وبالتالي فان اتفاق اوبك على الخفض يهدف لتحقيق المصالح المشتركة للدول المنتجة والمستهلكة، بحيث يقود لتماسك الاسعار، والحفاظ على امداد الاقتصاد العالمي بالطاقة، خصوصا في ظل التزام دول اوبك على سد النقص، بمجرد حدوث فجوة بين العرض الطلب.

واجهت دول اوبك خلال الأيام الماضية، ضغوطا قوية من الولايات المتحدة، لابقاء الانتاج عند المستويات دون تغيير، بدواعي الخشية من ارتفاع الاسعار لمستويات كبيرة، مما يؤثر على النمو في الاقتصاد العالمي، بيد ان دول اوبك حاولت احداث نوعا من التوازن، بين قرار خفض الانتاج، وتبديد المخاوف من اتساع الفجوة، بين العرض والطلب، خصوصا في ظل مؤشرات كبيرة بارتفاع الفائض في السوق النفطية، الامر الذي يقود لمزيد من التراجع في الاسعار، مما يفرض اتخاذ قرار الخفض لإعادة التوازن مجددا بين العرض والطلب.

ردة فعل الاسواق العالمية على قرار اوبك، بزيادة السعر بنسبة 5% في العقود الاجلة، جاءت متوقعة وغير مستغربة، خصوصا وان القرار وضع في الاعتبار جميع عوامل السوق، وبالتالي فان الاسواق العالمية ستراقب مدى التزام الدول الاعضاء بقرار الخفض، لاسيما وان تجاوز الحصص الإنتاجية سيزيد الضغط على الاسعار مجددا، مما يفرغ القرار من محتواه، ويبقي فائض العرض قائما، بحيث ينعكس على القيمة السوقية في النهاية.

الخشية من تجاوز بعض الدول المنتجة للحصص المقررة، من الاحتمالات الواردة والقائمة، خصوصا وان العقوبات الامريكية على ايران، تشكل دافعا لمحاولة تعويض تلك الكميات، كما ان العقوبات الاقتصادية على طهران سيدفعها لمحاولة الالتفاف عليها، بمعنى اخر فان بعض الدول المنتجة يسيل لعابها، لاقتطاع جزء من حصص ايران، مما يزيد من الخشية من تجاوز بعض الدول، لقرار خفض الانتاج خلال الفترة القادمة.

تأثير اعضاء اوبك في سوق الطاقة، ليس خافيا على الجميع، خصوصا وانها تشكل نحو 30% - 40% من الانتاج العالمي، والبالغ 100 مليون برميل يوميا، بيد ان اوبك ليست قادرة على تلبية السوق العالمية بمفردها، او احداث تغييرات جوهرية في القيمة السوقية، نظرا لوجود طاقة إنتاجية ضخمة من الدول خارج اوبك، بمعنى اخر، فان اوبك تعمل قدر الإمكان على وضع إطار عام، لتكريس المصالح المشتركة، بين الدول المنتجة والمستهلكة، عبر الالتزام بامداد اقتصاد العالمي بالطاقة، والتدخل المباشر لتعويض النقص، للحيلولة دون الأضرار بالدول المستهلكة، ومنع الارتفاع الكبير في الاسعار.

التعاون بين دول اوبك وخارجها ساهم في رفع الاسعار، من خلال الاتفاق على تقليص الانتاج، ومنع تدهور الاسعار بشكل كبير، الامر الذي ساعد في الارتفاع التدريجي للقيمة السوقية، بحيث لامس حاجز 80 دولارا للبرميل، وذلك بعد انهيار الاسعار في منتصف 2014 لمستويات دون 30 دولارا، وبالتالي فان استمرار التعاون المشترك بين الدول من اوبك وخارجها، عامل اساسي في امتصاص الفائض في المعروض، مما يقود لتماسك الاسعار، وقطع الطريق امام انهيار الاسعار، نظرا لتداعياتها السلبية على الدول المنتجة، لاسيما وان ايرادات النفط ما تزال العمود الفقري، لاقتصاد غالبية دول اوبك.

كاتب صحفي