آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 3:46 م

إعلان الميزانية السعودية ليس حدثا اعتياديا

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

لم يعد إعلان الميزانية العامة أمرا اعتياديا، فمنذ إطلاق ”رؤية السعودية 2030“ أصبح الكشف عن الميزانية أكثر من مجرد الإفصاح عن النفقات والإيرادات التقديرية لعام مقبل ولعام مضى، بل أصبح - بالتدريج - أقرب ما يكون إلى مناسبة لجرد الحساب، ليس فقط فيما يخص جانب الخزانة من إيراد وإنفاق، بل كذلك كيف أنفقت البنود والمخصصات، في ترابط وشائجي بين المالي والاقتصادي، وما يبين ذلك جملة أمور: 

«1» إن ما كنا نتجادل حوله حتى عشية صدور الميزانية قد كشف عنه مبكرا هذا العام، فالأرقام الرئيسة لميزانية العام المالي المقبل أعلنت من قبل وزير المالية في أكتوبر الماضي، وذلك لأول مرة، متوقعا أن تبلغ جملة نفقات عام 2019 نحو 1,106 مليار ريال، مرتفعة عن المتوقع إنفاقه هذا العام بنحو 7 في المائة، أما التقديرات الأولية للإيرادات فتشير إلى بلوغها نحو 978 مليار ريال عام 2019، بارتفاع 11 في المائة مقارنة بالمقدر لعام 2018.

«2» إن لغة المالية لم تعد مالية صرفة قصيرة المدى، بل أخذ يخالطها بُعد اقتصادي واضح، يأخذ في الحسبان التحديات في المدى المتوسط، فإضافة إلى الاهتمام بمعدلات العجز والدين العام وتقلبات أسعار النفط من خلال تنمية الإيرادات غير النفطية، ورفع كفاءة النفقات التشغيلية والرأسمالية، اتجه كذلك إلى الاهتمام بالتحديات الاقتصادية، ولا سيما تنويع مصادر النشاط الاقتصادي، وتوسيع دور القطاع الخاص.

«3» إن المالية تعول على الإصلاحات الهيكلية التي تجريها الحكومة على الاقتصاد، بأن تفضي إلى اقتصاد أفضل في المديين المتوسط والطويل، بما يحقق معدلات نمو أعلى.

«4» إن المالية أبدت تفهما ومرونة للتوفيق بين هيكلة المالية العامة ومتطلبات نمو الاقتصاد، وذلك بتوفير الأموال اللازمة لتنويع الاقتصاد، وتمكين القطاع الخاص من تحقيق دوره في النمو الاقتصادي، واستدامة المالية العامة. ولهذا السبب تحديدا، تمت مراجعة برنامج التوازن المالي، ومن ثمة تمديده حتى عام 2023م، على الرغم من ارتكازية البرنامج على استقرار المالية العامة، ولا سيما فيما يتصل بزيادة الإيرادات غير النفطية، ورفع كفاءة الإنفاق، واستمرار التقدم في إصلاحات إدارة المالية العامة وضبطها. 

«5» توظيف متانة الوضع المالي لخزانة الدولة لتحقيق الأولويات الاجتماعية - الاقتصادية، بالاستفادة من توافر ”فسحة مالية“ تسمح بالتدخل لتصحيح المسار عند الحاجة، والإسراع في تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية إن لزم الأمر، وزيادة القدرة على استيعاب الظروف والصدمات التي قد يواجهها الاقتصاد المحلي.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى