آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

المبادرة.. الاستثمار

محمد أحمد التاروتي *

انتشار ثقافة المبادرات دلالة حياة في المجتمع، فضلا كوّن المبادرات حالة إيجابية، وكذلك نوعا بالإحساس بالمسؤولية تجاه البيئة الاجتماعية، فالمجتمع الحي لا يتوقف عن التفكير، والبحث عن الافكار الخلاقة ذات الأثر الايجابي على الجميع، لاسيما وان المبادرات تهدف للصالح العام، بعيدا عن المصالح الضيقة، بمعنى اخر، فان ثقافة المبادرة تعكس الحالة الايجابية لدى أصحابها، فهي تتحرك باتجاه نشر افكار محددة، لمعالجة بعض الملاحظات، او القضاء على بعض الظواهر المشوهة للمنظر العام.

إطلاق المبادرات الهادفة تشجع على المزيد من العمل، والبحث عن الاليات المناسبة لتكريس تلك الافكار على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وان المبادرات تنطلق من تحرك فردي اولا، قبل انتشارها على نطاق واسع، فالعملية تتطلب جهودا ومزيدا من العمل، للحصول على التأييد من الوسط الاجتماعي، ”اليد الواحدة لا تصفق“، بمعنى اخر، فان انتشار المبادرات على النطاق الواسع في مختلف المجالات، ناجم عن الجهود الكبيرة من قبل أصحابها، وكذلك ناجمة عن الكثير من الإخفاقات، والرفض من بعض الجهات، بيد ان الاصرار على تكريسها في الثقافة الاجتماعية، ساهم في ازاحة جميع العراقيل، والمصاعب التي برزت في البداية، حتى أضحت واقعا ملموسا.

عملية الاستفادة من المبادرات بالشكل الملائم، مرتبطة بوجود عناصر قادرة على تذليل مختلف العقبات، ورفض الاستسلام للمصاعب على اختلافها، خصوصا وان الرضوخ لبعض العراقيل ينهي المبادرات، ويمهد الطريق لزوالها من البيئة الاجتماعية، وبالتالي فان المبادرة بحاجة الى جدار صلب قادر، على الصمود في وجه التيارات الاجتماعية المعارضة، فالأفكار الجديدة تواجه بالرفض او التسفيه في الغالب، نتيجة الجهل التام للاثار المترتبة على تكريس، تلك المبادرات في المجتمع، وأحيانا تنطلق المعارضة من مآرب شخصية، ومخاوف ليست حقيقية على بعض المصالح الذاتية، بحيث يظهر على شكل الاستخفاف، بالمبادرات بغرض اسكات أصحابها.

وجود جهات قادرة على احتضان المبادرات المجتمعية، عملية ضرورية لتفادي خطر زوال الافكار الخلاقة، خصوصا وان بعض المبادرات تتطلب ايمانا كاملا بأهميتها، وضرورة تسخيرها في ثقافة المجتمع، مما يستدعي تنشيط دور المؤسسات الأهلية، لمعاضدة المبادرات، وقطع الطريق امام محاولات الصيد في الماء العكر، بمعنى اخر، فان ظهور مبادرات ضرورة لتحريك المياه الراكدة، ومحاولة الارتقاء بالفكر الانساني، نظرا للترابط الكبير بين متطلبات العصر، والاحتياجات البشرية، بيد ان المبادرات دون وجود اداة رافعة، يكون مصيرها الاختفاء، او عدم البزور بالشكل اللائق.

الاستثمار الأمثل للمبادرات، يعكس مستوى الوعي الاجتماعي، فالمجتمعات الحية حريصة على احتضان الافكار الابداعية، من خلال توفير أسباب النجاح، ورفدها بالقوة اللازمة، للصمود في وجه العواصف، فالاحتضان يترجم على شكل زيادة الوعي، باهمية تعظيم تلك المبادرات على الارض، من خلال رفد المبادرات بالدعم المالي، وكذلك توفير الكوادر البشرية، فضلا عن الدعم المعنوي اللازم عبر تسخير، مختلف المنابر الاعلامية للترويج للمبادرات، بغض النظر عن هوية أصحابها، ونوعية تلك الافكار، لاسيما وان المبادرات تنطلق من قاعدة المصلحة المجتمعية بالدرجة الاولى، الامر الذي يتطلب الوقفة الصادقة لمساندتها بمختلف الأشكال.

كاتب صحفي