آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

الوعي.. المغامرة

محمد أحمد التاروتي *

امتلاك الوعي عنصر حيوي، لتفادي الدخول في متاهات، او الاقدام على مغامرات غير محسوبة النتائج، فاحتساب الخطوات، ومحاولة وضع جميع الاحتمالات، يساعد على تجنب الصدمات القاسية، لاسيما وان الانخراط في الاعمال بشكل عشوائي، لا يخدم بقدر ما يعقد الامور بشكل كبير، الامر الذي يستدعي التحرك وفق خطوات دقيقة، لوضع الامور في النصاب الصحيح، وبالتالي فان محاولة الخروج بنتائج مثمرة مرهونة بمدى الاستعداد، والاعداد المسبق بدقة متناهية.

القدرة على الدخول في المغامرة عامل رئيسي، لاسيما وان التردد وعدم الاقدام يحرم المرء من النجاح، او حصد الثمار في المسيرة الحياتية، ”فاز باللذات من كان جسورا“، بيد ان عنصر المغامرة ليس حاسما في مختلف الاشياء، مما يستدعي التريث قليلا لقراءة الخطوات، ودراسة الظرف الزماني والمكاني، بالاضافة لمحاولة امتلاك المفاتيح اللازمة، لتفادي الدخول في طرق مغلقة، يصعب الخروج منها، وبالتالي فان المرء مطالب بامتلاك الوعي للحصول على الرؤية المتكاملة، واختيار السبيل الواضح، لاسيما وان المغامرة ليست مطلوبة على الدوام، فهي اداة حاسمة في بعض الظروف القاهرة، بيد ان نتائجها احيانا تكون وخيمة مع اساءة الاستخدام.

الوعي مرتبط بالخبرة الحياتية الطويلة، فالمرء في الحياة معرض للتجارب الفاشلة، والمشاريع الناجحة، مما يولد لديه القدرة على تمحيص الطريق الصائب من الخاطئ، وبالتالي فان الخبرات الحياتية تمثل الورقة الرابحة، في تجاوز العديد من الاختبارات الصعبة، ”اسأل مجرب ولا تسأل طبيب“، بمعنى اخر، فان الدخول في معترك الحياة يساعد على اكتساب التجربة، بيد ان الفرق يكمن في القدرة على استخلاص الدورس، ومحاولة اثراء رصيد الخبرات بشكل متواصل، من خلال التوقف مليا امام الكثير من الاختبارات، لمحاولة وضعها تحت المجهر قبل الاقدام على الخطوة الاولى، نظرا للاثار المترتبة على سوء الاختيار، وعدم القدرة على التحرك بشكل صائب.

الاستعانة باصحاب الخبرات في تجاوز الاختيارات الحياتية، تدخل ضمن الخطوات الاحترازية لتفادي تكرار الاخطاء، او الحصول على العلامة الكاملة في الامتحان، ”اكبر منك بيوم اعلم منك بسنة“، لذا فان الكثير من المصاعب الحياتية، تتطلب الاستفادة من اصحاب الخبرة، للحصول على الاستشارة الصائبة ”من شاور الرجال شاركها في عقولها“، وبالتالي فان الاستفراد بالقرار ليس صائبا في القضايا المصيرية، مما يتطلب وجود اطراف اخرى، قادرة على تقليب الامور بعيدا عن الضغوط، للتوصل الى القرار المناسب.

التحرك وفق قاعدة ”المغامرة“، والاقدام على افعال غير متوازنة، تكون نتائجه صادمة احيانا، نظرا للافتقار للقدرة على توظيف الامور، بالشكل الصائب، لاسيما وان الشجاعة ليست مطلوبة في جميع الاوقات، مما يستدعي التنازل قليلا، لتفادي الوقوع في الاخطاء الفادحة، خصوصا وان الاخطاء القاتلة يصعب معالجتها، وبالتالي فان اعتماد المغامرة كاسلوب حياة لا ينم عن عقلانية، بقدر ما يكشف عن نوع من الحماقة والتخبط، وعدم ادراك خطورة الموقف.

محاولة ايجاد حالة من التوازن، بين الوعي والمغامرة، عنصر حاسم في التغلب على الفوضوية في القرارات، فهناك ازمات تتطلب التريث، وعدم الاستعجال، بهدف امتلاك الرؤية الواضحة، وبالتالي فان الانسجام بين الوعي والمغامرة، يساعد في خلق مناخ مناسب، لمعالجة الامور بشكل سليم.

كاتب صحفي