آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

صيانة الشعبية الفردية

المهندس أمير الصالح *

في عالم السياسة نرصد شعبية حزب محدد أو هبوط شعبيته، بناءا على استفتاء تقوم به وتنشره كبرى الصحف ذات المصداقية العالية لدى شعوب تلكم الدولة. بينما في عالم الافراد فان قوام الشعبية يختلف باختلاف البيئة المحيطة بكل فرد. في محيطنا العربي بصورة عامة، وان كان هناك استثناءات، تكون بالاجمال شعبية الافراد مبنية على نماذج محددة ك:

- السخاء في العطاء

- الإمعة

- كثرة الولائم

- الفزعة لابناء ذات المنظومة القبلية او المذهبية او المناطقية

بينما تكون عناصر السقوط في نظر ذات المحيط

- التواري

- عدم الاصطفاف

- الانزواء او النأي بالنفس

- ترك مسافة متساوية من كل افراد المحيط الواحد

- قلة الحيلة وضنك الحال وقصر اليد

- الصرامة في تطبيق المعايير

- تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص

لعل لبعض تلك او تلكم العناصر الاخذ والرد والنقاش فيها من قبل بغض او كل القراء ولكن من المتفق عليه بان اخطر الادوات في قتل والإمعان في قتل شعبية او عزل الافراد اجتماعيا هو السعي المبرمج في تشويه السمعة للشخص المستهدف بالتسقيط «الفم الفاسد / bad mouthing»؛ تشويه السمعة والصاق التهم والافتراء بقصد الإطاحة الاعتبارية للشخص المستهدف.

في ناظر مؤيديه او محبيه او اتباعه او مدراءه او انسباؤه وعادة ما تكون هناك مصالح مضمرة او امراض نفسية او احقاد دفينة او كراهية مزروعة هي الدافع لتلكم النشاطات التسقيطية الدؤوبة والحثيثة.

في نطاق الافراد تكون احد الصفات التالية هي الشخصية الاعتبارية التي قد تُستهدف:

- زوج /ة

- مدير/ة

- موظف مثابر /ة

- مرشح لمنصب /ة

- وجيه / وجيهة

- جار / ة

فلو قلنا مثلا ان زوج راشد ومتزن اراد ان يتزوج على زوجته الاولى لاسباب وجيهة وعقلانية، فقد تسجل تدفق اشاعات تسقيطية ملفقة ليس لها اي صحة تُطلق من قبل طرف او اطراف ذات صلة بالزوجة ضد الزوج. والعكس صحيح، لو ان الزوج المتسكع اراد ان يبرر أقدامه على خطة الزواج بزوجة ثانية فانه وأنصاره من اهله او أصحابه سيطلقون سيل من الحكايات المختلقه والملفقة والتسقيطية في حق الزوجة الاولى لتبرير الخطوة التي سيقدم عليها الزوج المشكلجي.

وفي مثال اخر، لو قلنا مثلا موظف/ة مجتهد وكادح ومثابر ومتميز وخلوق وطموح وقد تم ترشيحه بناء على كفاءته لمنصب اعلى وظيفيا فانك ستسمع في اروقة تلكم الشركة او الدائرة التي يعمل بها الكثير من الاشاعات التي تهز الصورة النمطية التي بناها الموظف عن نفسه في التفاني والمثابرة. وعند البحث الجاد عن مصادر اصدار الكلام المغلوط فانك ستشاهد واقع مرير من ضمائر ملوثة تحيط بالموظف المستهدف وان ادعت نفاقا بانها تتمنى له الخير. فكم وكم من مشاريع او مبادرات خيرية او ثقافية او اجتماعية او صحية او تعليمية او اصلاحية قد أجهضت من قبل البعض بالافتراء قولا او غمزا بان هناك اجندات مخفية. لمن لدبهم رصيد عمل في العمل الاجتماعي شواهد مثيرة وكثيرة في هذا الشأن.

لو قلنا كمثال ثالث واخير بان جار ملتزم بحقوق الجيرة وحسن المراعاة لها قد ابتلي بجار مزعج وقليل الانتباه لحقوق الاخرين الا انه يتخذ من مكانة اهله الدينية، الاشراف، او او الوجاهة الاسرية ستار بعقد مجالس حيث يطول السهر في الليال وازدحام سيارات ضيوفه في الشارع وارتفاع الاصوات بالإزعاج ونفث سموم دخان المعسل او السجائر في فضاء منازل الجيران. وعند المكاشفة بين الجيران له ينبري صاحب الاعمال المشينة بالافتراء على صاحب السكينة.

وفي مجتمعات شبه مغلقة تكن الغلبة لمن اعطى المجتمع العصمة لخاله او عمه وان كان غير محق. وان التجأ الجار المنتهكة حقوقة لجهات رسمية اتهم المجني عليه من قبل بعض عناصر المجتمع.

من الجميل ان يتدارك الانسان من خلال مراجعات دورية لطبيعة العلاقات وعمقها مع محيط مجتمعه الواقعي في الحي واصدقاؤه في عالم الديجيتال والمجتمع والعمل والوطن والمجتمعات الاخرى لكي لا يعيش مغالطات او اوهام او حياة نرجسية مبنية على اللاواقع. فكما تعمل الشركات جرد سنوي لحساب الربح والخسارة المادية، من الحكمة ان يعقد الانسان النبيه منا جرد سنوي ليشخص الامور التي تدور حوله بعقل ناضج ويبني على التجارب المفيدة ويتجنب الوقوع في براثن الاخطاء السابقة ولا سيما اصحاب الفم الفاسد او الانسياق خلف الوعود المعسولة او وضع اليد بيد المتسلقين والانتهازيين.