آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:39 م

الاستثمار العبقري «2»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

تنتظر أحيانا أن يأتي الاستثمار إلى سوقك، وفي أحيان تذهب أنت للأسواق بحثا عن استثمارات مواتية. قد يتبادر سؤال لماذا نستثمر في مصافي ومشاريع بتروكيماويات خارج حدودنا؟ الإجابة الاقتصادية المباشرة لتوليد قيمة، ف ”رؤية 2030“ تستهدف تحويل الاقتصاد السعودي من الريع إلى توليد القيمة. وإن كان هذا هو ما تستهدفه استراتيجية المملكة، إلا أنه في المدى القريب لن نستطيع تحويل كل إنتاجنا من النفط إلى مشتقات مكررة وبتروكيماويات من خلال مصاف ومصانع محليا. وأستدرك ببيان نقطتين:

1 - إن معظم إنتاج السعودية من النفط يحول إلى قيمة ولا يباع خاما.

2 - إن جهودا حقيقية يقودها ولي العهد تقوم على بناء شراكات استراتيجية وترتكز على عدة محاور، وأحد مرتكزاتها تعزيز الناتج القومي للسعودية.

ولمزيد إيضاح، فتجدر الإشارة إلى أن طاقة التكرير شهدت وعلى عدة محاور ارتفاعات متتابعة على مدى السنوات القليلة الماضية، وحاليا تبلغ طاقات شركة أرامكو السعودية على التكرير نحو 5,4 مليون برميل يوميا؛ من خلال الاستثمارات الدولية يكرر 2,5 مليون برميل يوميا، ومن خلال المصافي المحلية المشتركة يكرر 1,9 مليون برميل يوميا، وعبر المصافي المملوكة بالكامل للشركة يكرر مليون برميل يوميا، وهذه تشمل مصفاة رأس تنورة وهي من بين الأضخم سعة في العالم بطاقة 550 ألف برميل يوميا. فضلا عن اتجاه الشركة إلى نمط تحويل النفط إلى بتروكيماويات من خلال مشروعها المشترك مع شركة سابك. وهكذا، نجد ثمة نسقا استراتيجيا لتحقيق مستهدفات توليد القيمة ليس فقط من خلال المشاريع المحلية على الرغم من أهميتها، بل كذلك من خلال الاستثمار في أسواق استهلاك مستدام، ولا سيما في آسيا، فقد شهدت جولة ولي العهد الأخيرة مبادرات تعزز هذا النسج الاستراتيجي في باكستان والهند والصين؛ ففي باكستان أعلن استثمار لإقامة مصفاة بسعة 300 ألف برميل يوميا، وفي الهند سبق أن أعلنت مساهمة المملكة في استثمار في مهارشتا غربي الهند بقيمة 44 مليارا بطاقة تكرير 1,2 مليون برميل يوميا، فضلا عن مباحثات مع شركة ريلاينس الهندية العملاقة لمشاريع تكرير إضافية محتملة، وفي الصين أعلنت مصفاة بطاقة 300 ألف برميل، ستزودها ”أرامكو“ ب70 في المائة من احتياجاتها. هكذا نجد أن تحرك السعودية لتوليد القيمة يحكمه نسق استراتيجي لتعزيز مصالح السعودية في آسيا، ليس عبر مجرد توقيع اتفاقيات توريد نفط، بل عبر استثمارات تولد نجاحات وأرباحا مشتركة لسنوات وسنوات وسنوات.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى