آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 11:22 ص

عيون ساحرة

ورد عن أمير المؤمنين : ”و لقد كنت أنظر إليها فتنجلي عني الغموم والأحزان بنظرتي إليها“. «مناقب الخوارزمي ص 256».

أي جمال روحي كانت عليه مولاتي الزهراء فيجلي كل ثقل على قلب أمير المؤمنين ، فيهب أسرتها تنفيسا عن أعباء التبليغ وهموم ضغوط الحياة، فتغمرهم الابتسامة والسكينة وتظللهم.

تبادل المشاعر الرقيقة بين الزوجين لا يقتصر على التعبير بتلك الكلمات الدفاقة بالحنان والدفء العاطفي، وإن كان هو أجلى مظاهرها إن اتسمت بالصدق، والتعبير العفوي عما يخامر الفكر والقلب، والأجواء العاطفية «الرومانسية» بين الزوجين تعني تعبيرا عن الإعجاب والانجذاب والمحبة لتلك الروح الطيبة والمعاملة الحسنة التي يتلقاها من شريك حياته، فالمحبة تزرع وتنمى بالمواقف الإيجابية المقدرة عند الآخر، وهذه المشاعر هي ما يعطي الحياة الزوجية ألقها وتجددها بعيدا عن الملل والروتين، فمن أهم ما يشكو منه الأزواج هو تسلل الرتابة في علاقتهما وافتقادها لذاك التوهج والتشوق للآخر، وتتبلد الأحاسيس وعدم الشعور بوجود الآخر عاطفيا لتغدو حياتهما بتلك الرتابة، وذلك البيت الكئيب تغيب عنه أجمل عبارات الأحاسيس المرهفة «أحبك» لتخبو جذوة المودة بينهما وتذبل زهرة الإعجاب، وهذا التنبيه لإبقاء شعلة الحب متوهجة باستمرار يعني استثارة المشاعر والتعبير عنها بين فينة وأخرى، فيلقى منه شريك حياته نبضات مشاعره مع كل موقف وحديث رقيق بينهما، فيهمس بما يجيش في نفسه بما يشيع الأمان العاطفي فيستظلان به، فالغفلة عن إثارة المشاعر باستمرار يدمر علاقتهما فليمدها بما يثير المشاعر من كلمات رقيقة ونظرات دافئة.

فإن النظرات الحانية لا تقل في أثرها الجميل عن الكلمات الرقيقة التي تنم عن انجذابه وشعوره العاطفي به، فلغة العين شمعة تبقي البيت وقلب الآخر دافئا، فالأمان والثقة - وهما عماد العلاقة الناجحة - لا يأتيان من فراغ وبلا جهد يبذل، بل هو تعامل راق ومشاعر مرهفة تديم دفق الحنان بينهما، تجنبا لما يصل له بعض الأزواج من صمت وخرس يطفيء جذوة الحب، فأداء الواجبات شيء والتعبير عن المشاعر باستمرار شيء آخر فلا ينبغي الخلط بينهما، فالبخل العاطفي في أثره لا يقل عن البخل المادي من الزوج وشعوره بالخسارة عند توفيره لمستلزمات الحياة الكريمة لأسرته.

ضغوط الحياة والعلاقات المتعددة المتسمة بالتعقيد اليوم وما يتولد منها من هموم واستنزاف للطاقة النفسية وتحمل أعباء المنزل وتربية الأبناء، يحتاج فيها الرجل والمرأة إلى ما يعيد له التوازن الفكري والعاطفي، وأولى بشائر الارتياح واستعادة الهدوء وتخفيف الضغوط هي تلك العيون التي تشع حبا وحنانا واشتياقا، وتآزرها تلك الابتسامة المعبرة عن الإحساس بالأمان والفرح بلقيا توأم الروح.

فالوجوه الثلجية «الخالية من التعابير العاطفية» تعطي رسالة سلبية يتلقاها الآخر بانزعاج، فالابتسامة الناعمة والعين الساحرة تسكب على نفس الآخر السكينة والهدوء والاشتياق للتعبير عن مشاعره، فالعيون الجذابة لغة للتخاطب والتواصل وتحرك نهر الحب الدفاق بينهما.

وكما أن همسات الحب إن لقيت برودا وصمتا ينجم عنها جرح المشاعر، فكذلك العين المتوهجة بالحب والحنان إن صادفت وجها باردا ستشكل خيبة وحرجا وإهانة لمشاعره، وفي المقابل فإن أي سوء فهم بينهما يبتعدان فيه عن بعضهما قليلا، ويقبل فيه الآخر بعين ملؤها الاعتذار وطلب المسامحة تكفي عن ألف كلمة تأسف.