آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

ماذا يعني أن نكون في المرتبة الـ 16عالميا

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن السعودية

نشرت صحيفة الوطن - قبل أيام - تقريرا يشير إلى أن المملكة جاءت في المرتبة ال16عالميا، في معدل استخدام الإنترنت، وفق أحد المواقع الإلكترونية لعام 2018، إذ يقضي السعودي فيه أكثر من 6 ساعات يوميا، وهو أعلى من المعدل الطبيعي.

السؤال: على ماذا يدل انهماك السعوديين والسعوديات في العالم الافتراضي؟ هل هو أمر إيجابي أم سلبي؟

في الحقيقة، العالم الافتراضي - وإن كان بيئة غير حقيقية - ولكن أدواته تظل قريبة إلى الحقيقة. نحن في المملكة - كغيرنا من شعوب المعمورة - انفتحنا على هذا العالم الجديد، بسبب الثورة التكنولوجية وانتشار تقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة، التي أفرزتها وعممتها المدنية الحديثة، وجعلتها في متناول الجميع، مثل الجوالات الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك وتويتر وسناب شات»، وأصبح معظم فئات المجتمع يتعاطون مع هذا العالم، إذ لقي ترحيبا كبيرا من المجتمعات التقليدية التي أخذ يمثل لأفرادها هربا من عالمها الواقعي الممل والرتيب.

تعالوا معي إلى تغريدات «تويتر»، وبمتابعة لبعض أصحاب الحسابات، نجد فيها سيلا من شتائم الكروان، والسبّ وألفاظ العنف المتنوعة، والمتعة في نشر الإشاعات البانورامية، والبحث عن الفضائح وإثارة الفتن.

ثم تأتي في العالم الحقيقي، فإن وجدته يمارس الحال ذاتها فهذه مصيبة، وإن لم تر منه سوى الوجه الجميل، فالمصيبة أعظم، لتجد الكذب والنفاق، وهنا ينشب صراع داخل الفرد بين شخصيته التي أرادها له عالمه الواقعي، وشخصيته التي أرادها هو خلال عالمه الافتراضي.

في نظري، إن الهرب من العالم الحقيقي والواقعي، والعيش والمكوث فترة أطول في العالم الافتراضي هذا، يدفع كثيرين إلى فرض العالم الجديد على العالم الحقيقي، حتى ولو كانت بطريقة أكثر عنفا.

فهم في هذا العالم أبطال لهم هوياتهم الجديدة، ولذلك يريدون فرض شخصياتهم بالقوة على العالم الواقعي، خاصة أن سلطة العالم الافتراضي تعد فاعلة ومدمرة في الحال ذاتها.

وعليه، فالحل يكمن في أن نفتح العالم الحقيقي، ونجعله أكثر جذبا من العالم الافتراضي الذي تشير الدراسات إلى أن الاستغراق فيه، يسبب كثيرا من الأمراض النفسية.

من الأهمية بمكان، استثمارُ القدرات والطاقات الشبابية، بفتح كل المجالات التي تؤهلهم إلى طريق التقدم والتطور في العالم الواقعي، وبالتالي سحبهم من العالم الافتراضي. كما أنه من المهم التعجيل بفتح مراكز ترفيهية مثل السينما والمسرح والأندية الثقافية والفنية - وبأسعار زهيدة - لتكون في متناول الجميع، حتى يستطيع الشباب والشابات تنمية مواهبهم، وقضاء وقت فراغهم، بدلا من الدخول في أتون فوضى العالم الافتراضي.

أخيرا أقول: لا يمكن أن نقسر على شباب اليوم ما كنا نفرضه على شباب الأمس، فشباب اليوم يتفاعل مع الواقع بكله، وإذا لم يجد الواحد منهم ما يروي ظمأه، حتما سيرتوي من معين العالم الافتراضي المدمر.

إن عقلية الفرد - اليوم - في هذا العصر لا يحركه التاريخ، بالنظر إلى الوراء، بل يريد أن يعيش الحاضر، وأن ينطلق إلى المستقبل بكل حرية ودون أي أيديولوجيات. وهنا، يتحتم علينا فهم هذه المرحلة، لردم الفجوة بين العالم الحقيقي والافتراضي.