آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:42 م

قلعة تاروت يا معالي المستشار

مريم آل عبد العال *

لم يكن للقطيف من موسم شرقي ترفيهي منذ سنين، وإلحاقها أخيراً في قائمة مواسم ”هيئة الترفيه“ قد ينتشلها من وسط السبات الفرائحي، بالمشاركة في أكبر تظاهرة ترفيهية وسياحية نوعية تحتضنها المنطقة الشرقية. وبتوكيد الهيئة على هدفها تنشيط السياحة الداخلية وتعزيز دورها الاقتصادي والاجتماعي، باعتباره أحد المواسم السياحية الهامة التي تسهم في زيادة الإقبال على السياحة من المواطنين ومن الخارج، فالقطيف على احتوائها لمواقع تحتاج صناعة الحراك السياحي فيها من جهة حكومية، إلا أن قائمة موسم الشرقية خلت من تراث القطيف بوجه كامل، وكأن محافظة الأحساء في المنطقة الشرقية، هي الوحيدة التي تضم تراثاً. فهل ”الترفيه“ احتارت أم غفلت؟ لعل الجواب هذا ولعله ذاك. أنا هنا في هذا المقال أحاول التفكير.

لم تلحق محافظة القطيف بركب موسم الشرقية إلا أخيراً، فالأخيرة جعلتها تقع في آخر القائمة من الفعاليات، التي قد تكون في تنسيقها سريعة، ولم يخطط لها أو توضع في الحسبان. وبنظرة سريعة على ما وضع فيها من فعاليات، يجعل أي فرد يستغرب عدم وجود مواقع أثرية من القطيف يستضاف فيها الترفيه، والتي لعل تفعيل نشاط ثقافي أو فني أو ترفيهي فيها، يجذب للموقع ما كان يحتاجه من عناية، أو يصنع السياحة الخجولة فيه. ولكن هل الوقت والتوقيت أجحف نجاح المهمة؟

بالنظر للموقعية التي تأخذها محافظة القطيف، والهوية المكونة لها، بين البحر والزرع والصحراء، يجعلها مكتنزة بمواقع كانت لتدشن بطريقة إبداعية تليق ب ”هيئة الترفيه“، وبلا مبالغة. إذ أن مجتمع القطيف اعتاد موقع كورنيش القطيف كموقع للترفيه حتى أصيب بالتخمة، وكأنه الموقع الوحيد في المحافظة الذي يتناسب مع هكذا موسم، فأين مشروع ”وسط العوامية“ من تشغيل ترفيهي بهذا المستوى، بل أين قلعة تاروت الأثرية من هذا الحراك السياحي.

لنقل أن ”موسم الشرقية“ هذا العام بمشاركة ”هيئة الترفيه“ فيه، سيصنع رونقاً سياحياً تشهده المملكة على مستوى مناطقها، على حجم ما تصنع وسائل الإعلام للمدن فيها، إلا أن أسبوعاً من الحراك الإعلامي الذي صنعه المستشار تركي آل الشيخ من تشويق وتنسيق، أضفى الحماسة السياحية التي تحتاجها السعودية في هذه المرحلة، فالكم الهائل من الفعاليات النوعية التي تقدمها ”الترفيه“ وتعد لبعضها هي الاستضافة الأولى، إلا أنها نجحت في نفض الغبار عن بعض المواقع السياحية، بمن فيها قصر إبراهيم الأثري في محافظة الأحساء، الأمر الذي يصنع تساؤلاً حقيقياً، أسبوع واحد لنفض الغبار عن هذا القصر وتهيئته، كان يفترض فيه أن يدفع ”الترفيه“ للتفكير في تنشيط ”وسط العوامية“ أو قلعة تاروت ليكون كرنفالاً لنشاط ترفيهي؟. الأمر ليس بمستعص!!.

ومن المؤكد أن يقال إن قلعة تاروت صارت مهترئة جداً، وموقعها لا يتناسب مع هكذا أنشطة. رغم أن الأهالي على بساطة ما يحاولونه، صنعوا موسماً خاصاً وهو ”شتاء تاروت“ الذي انطلق بجهود أهلية، لتعريف الأطفال والشباب على تاريخ القلعة والعمارة القديمة لبيوت ديرة تاروت، ولعله لتحريك المياه الراكدة ولفت عناية ”هيئة السياحة والتراث الوطني“، لأن قلعة تاروت بالنسبة للمجتمع القطيفي هي المركز الثقافي لتوطيد علاقة الجيل الجديد الناشئ في المحافظة مع تراثه وهويته. علاوة على أن القلعة تقابلها أرض فضاء بمساحة ”إستاد كرة قدم“ الواقعة إلى جانب دوار تاروت الذي يتناسب أن يكون موقعاً يستثمر من أجل السياحة والترفيه، وهو بكل تأكيد لن يكون فيه عثرة لو رغبت ”الترفيه“ أن تضم تشغيل هذه الأرض لبرنامج التحول الوطني الذي هي أحد داعميه، وتنقذ بذلك أحد أهم المواقع الأثرية في الخليج العربي، فعام واحد كفيل بتدشين الموقع كما رأينا بمشروع وسط العوامية.

ليس عتاباً أن تُلفت العناية حباً وكرامة، بموقع أثري ما زال على مر السنين يجحف بحقه من التشغيل والصناعة السياحية. قلعة تاروت ما زالت تشهد حضوراً سياحياً نوعياً من شتى الجنسيات، وما زال يُستعتب على إهمالها بهذا الشكل، رغم أنها ما زالت مقصداً مدهشاً للكثيرين، ومن شتى الشرائح الاجتماعية، وكثير من المقترحات الترفيهية طرحت لهذا الموقع ولم يكتب لها منها أي نصيب. والمجتمع القطيفي لم ييأس من المحاولة. ”فيا عزيزنا معالي المستشار، لعل القلعة تنتعش بين يديك“.

كاتبة صحفية - إعلامية وناشطة في مجموعة قطيف الغد