آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

ترامب.. الجولان

محمد أحمد التاروتي *

جاء قرار الرئيس الامريكي ترامب بالاعتراف بهضبة الجولان السورية المحتلة منذ 5 عقود، كجزء من دولة الاحتلال الاسرائيلي، لينسف جميع القرارات الدولية، فالقرار ضرب بعرض الحائط جميع المواثيق والاعراف الدولية، التي ترفض استمرار اسرائيل في احتلالها لتلك الاراضي، وتطالب بالانسحاب من الاراضي السورية، التي بسطت نفوذها عليها منذ حرب 1967.

قرار الادارة الامريكية يأتي استكمالا للاعتراف السابق بالقدس كعاصمة للاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي فان واشنطن تحاول تجاوز جميع الخطوط الحمراء، وعدم الاعتراف بالقرارات الدولية الرافضة، لمساعي تل ابيب لتكريس الامر الواقع، ومحاولة اضفاء الصبغة الشرعية، على احتلالها للأراضي الفلسطينية والسورية، مما يستدعي جهودا دولية لايقاف السياسات الامريكية غير المتوازنة، والمساندة لمخططات اسرائيل في توسيع مساحتها الجغرافية، على حساب اصحاب الارض.

ادراك ادارة ترامب ضعف الموقف العربي، يمثل احد الاسباب وراء الاعتراف الجديد بهضبة الجولان المحتلة، كجزء من دولة الاحتلال الاسرائيلي، خصوصا وان المعارضة الشديدة التي صاحبت القرار السابق، بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل لم تأت بجديد، فقد تجاهلت واشنطن جميع الأصوات، وكرست الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل كأمر واقع، الامر الذي شجعها على اتخاذ خطوة جديدة، مما يعطي دلالة على النهج غير المسبوق للبيت الابيض، في التعاطي مع القضية الفلسطينية.

المعارضة القوية للدول العربية والاسلامية، وكذلك للعديد من البلدان العالمية، لقرار ترامب، لن يجدي نفعا في اجبار الادارة الامريكية على التراجع، لاسيما وأنها اكتسب خبرة في التعاطي مع تلك الضغوط العالمية، اذ لم يثمر التنديد والاستنكار بالقرار السابق، بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل عن نتائج ملموسة، وبالتالي فان الادارة الامريكية ليست في وارد الالتفات لجميع الأصوات المستنكرة خلال الفترة القادمة، الامر الذي يعزز موقف تل ابيب في استثمار الدعم الامريكي المتواصل، في تنفيذ مخططاتها للتوسع الكبير في الجولان السورية.

الجامعة العربية في وضع لا تحسد عليه، فهي غير قادرة على النهوض بمسؤولياتها، تجاه القضايا الداخلية العربية، جراء تفاقم الخلافات العربية - العربية، مما يقلص دورها الحيوي في المجتمع الدولي، فالموقف العربي يعيش أسوأ حالاته منذ عام 2011، فضلا عن ذلك فان غياب سوريا عن الجامعة العربية، نتيجة حجب مقعدها منذ سنوات، يعقد الامور كثيرا، بيد ان الجميع يتطلع لاتخاذ موقف موحد، لمواجهة قرار الادارة الامريكية، تجاه هضبة الجولان السورية المحتلة.

التخبط الذي يعيشه العالم العربي منذ عام 2011، على خلفية الاحداث المصاحبة لما عرف بالربيع العربي، يشكل فرصة ثمينة لإدارة ترامب لاتخاذ قرارات، على غرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، وكذلك الاعتراف بضم الجولان الى اسرائيل، خصوصا وان العالم العربي يعيش أوضاعا صعبة، تجعله غير قادر على اتخاذ مواقف موحدة، نظرا لوجود مشاكل داخلية لدى العديد من البلدان، بعضها ذات علاقة بالارهاب، والبعض الاخر مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية، وغيرها من المشاكل الاجتماعية الصعبة الناجمة عن تدهور الأوضاع السياسية، المتعلقة بموجة الربيع العربي.

التعويل على دور الامم المتحدة، بمثابة التمسك بالسراب، فهذه المنظمة العالمية لا تمتلك القدرة على تشكيل الضغط على الادارة الامريكية، فادارة ترامب تستخدم منبر الامم المتحدة لتمرير الكثير من سياساتها، فيما تتجاهل جميع القرارات الدولية، بمجرد تعارضها مع مصالحها السياسية، وبالتالي فان عملية الكيل بمكيالين ستبقى قائمة، في مختلف الملفات الكبرى، وفي مقدمتها قضية الشرق الاوسط.

كاتب صحفي