آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

الصورة كأداة للتواصل

أمين محمد الصفار *

بالبساطة في الطرح والتلقائية في الألقاء استطاعت أن تصوّب الانظار إليها، توظيف الصورة كان أبرز وأقوى سمات اسلوبها، أسلوب السهل الممتنع الذي اتبعته هو الاثبات العملي على جاذبية هذا الأسلوب سواء لفئة الشباب أو حتى من يفوقهم في العمر والخبرة.

كانت الأستاذة تسنيم السلطان تلقي كلمتها في منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف مرتكزة بالدرجة الأولى على قوة وحرفية الصور التي استعرضتها، وكان اسلوبها الجاذب يضفي جمالاً وتفاعلاً أكبر معها، كما يظهر سلاسلة المحتوى غير المرئي للصورة. كنت أتساءل في نفسي لماذا لا يُعتمد ويعمم مثل هذا الأسلوب الجاذب في الإلقاء في مدارسنا النظامية؟

على الجانب الأخر تظهر حدود الطبيعة البشرية التي مازالت قاصرة عن بلوغ درجات الكمال، فالصورة لا تستطيع أن تلتقط ما قبلها ولا أن تُظهر ما بعدها، وإنما يتكفل بذلك التفسير والخيال مستعينًا بالخبرات والتجارب الشخصية التي يتم إسقاطها بنجاح أحيانًا وبدونه أحيانًا أخرى.

بعض تلك التفسيرات والاسقاطات لم تكن محكمة الربط ولا ترقى لمستوى الاحتراف في التقاط الصورة التي تجيدها ببراعة أو التقنية التي استخدمتها، إذ لم تراع تلك التفسيرات أن الصور كانت منتقاة الموضوع لعرض مشكلة كذلك لك تكن العينة عشوائية، وبالتالي لا يصح التعامل معها باعتبارها حالة عامة، فهي وأن كانت تعبر عن حالة موجودة ألا أنها ليست سوى عينة غير ممثلة كما يقال في الإحصاء.

كانت الصور تستعرض الجانب المأساوي بدءً من صورة الاحتفال بعدم إتمام الزواج مرورًا بصورة الفصام للزوج وخيانة الزوج، فيما نحت التفسيرات بكل سلالة صوب توجيه أصابع الاتهام مستفيدة من تأثير تلك الصور المؤثرة فعلاً.

مثال على تلك التفسيرات المتأثرة كان في تفسير إحدى الصور التي تحتمل أكثر من تفسير منطقي وموضوعي، وهي لمجموعة من النساء يجلسن على الكورنيش وحولهن رواق قصير ألارتفاع من ثلاث جهات، استدعاء تفسير سلبي منسجم بموضوع المحاضرة، في حين أن هذا الرواق يستخدم عادة - بدلالة الملابس الثقيلة - إتقاًء للبرد والهواء أولا وقبل أي شيء آخر، إضافة إلى عدة احتمالات ليس منها أو آخرها ربما هو ما ذهبت إليها الأستاذة.

أن الأخبار والأحداث غير السعيدة قادرة على ترك بصمتها على المتلقي حتى بدون أستخدام الصورة، أما إذا استخدمنا معها الصورة فهي حقًا ستكون أكثر قوة وتأثيرا بغض النظر عدم صحتها. فعندما يخبرك - كمثال - موظف البنك الذي تتعامل معه بأن لديه لوحة فنية أو صورة يحتفظ بها تذكره ببعض موظفي البنك الذين كانوا يقومون بالتلصص على حسابات العملاء لمعرفة ارصدتهم، كيف سيكون أثر ذلك عليك وعلى ثقتك بالبنك وموظفيه؟ كل هذا وهو لم يقم بأسلوب المبالغة أو التعميم أو الإسقاط وغيرها من الأساليب المستخدمة للتأثير على الأخيرين.

لقد أصبحت الثقافة الآن بصرية أكثر، والعالم كله صار بصري الطابع بالدرجة الأولى، تؤثر فيه الصورة قبل وأكثر من آي شيء آخر، الصورة التي تطورت في كل شيء تقريباً بدءً من التقنية التي عززت أفضليتها وفاعليتها أيضا، والصورة بطبيعتها هي أداة تواصل عالية الحساسية والكفاءة، ونحن كأفراد ومؤسسات - بشكل أكبر - أصبحنا نستخدم ونعتمد على توظيف الصورة بشكل جنوني وطاغي مبالغ فيه في معظم حياتنا، وهو ما يحتم علينا فهم وإتقان التعامل مع كمية المعلومات التي تبثها الصورة كي نستطيع فك شفراتها وتحسين استخدام المخزون المعرفي لنا كأفراد بالدرجة الأولى.