آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

النصح.. الناصح

محمد أحمد التاروتي *

تكامل الأدوار بين النصيحة والناصح امر ضروري، لاسيما وان فقدان احد الأضلاع يعني الفشل، وعدم القدرة على تحقيق الغاية المنشودة، الامر الذي يفرض توافر جميع العناصر، والعمل بشكل متوازي، نظرا لاعتماد كل عنصر على الاخر، في استكمال الأدوار المطلوبة، وبالتالي فان التحرك المشترك بين النصيحة والناصح، يقود الى اخراج المشروع بالشكل المرسوم.

النصيحة بحاجة الى توافر عوامل عديدة، من اجل احداث الأثر الايجابي في نفس المتلقي، لاسيما وان اختيار الوقت المناسب امر بالغ الأهمية، لاسيما وان طريقة العرض تمثل احد القنوات الاساسية في عملية الاستقطاب، فالنصيحة تكون بمثابة اضاعة للوقت بمجرد فقدانها القدرة على التأثير، وبالتالي فان عرض النصيحة يتطلب اجواء خاصة، بمعنى اخر، فان محاولة النصح بطريقة فجة، تكون اثارها سلبية في الغالب.

التعنيف في ممارسة النصح طريقة طاردة، وليست جاذبة، فالمرء يستجيب للنصيحة وفقا لطريقة عرضها، فاذا كانت تتسم بالفضاضة والعنف، فانها تواجه بالطريقة ذاتها، ”وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ“، وبالتالي فان تصحيح الاخطاء، او محاولة نشر الفضائل، هدف سام ولا يختلف عليه اثنان، بيد ان التفاوت يكمن في طريقة عرض النصيحة، خصوصا وان قابلية الناس تختلف باختلاف الثقافة، والظروف الاجتماعية، مما يتطلب وضع هذه الاعتبارات في الحسبان على الدوام.

بالاضافة لذلك، فان توافر مجموعة من العناصر في الناصح، امر بالغ الأهمية للنهوض بالمهمة على الشكل المطلوب، خصوصا وان الاستعداد للقيام بدورالنصح ليس كافيا، للحصول على صك البراءة من البيئة الاجتماعية، وبالتالي فان المسؤولية الملقاة على عاتق الناصح جسيمة، وكبيرة للغاية، نظرا للأهداف السامية التي تقف خلف مهمة النصح، فالناصح مطالب بتصحيح بعض الاعوجاج بخصوص بعض السلوكيات.

امتلاك القدرة على الاقناع بطريقة سهلة، وبعيدة عن الفوقية، احد العناصر الاساسية لدى الناصح، لاسيما وان النصيحة تفقد فاعليتها، بمجرد عرضها بطريقة خاطئة، مما يحدث شقاق كبير جراء سوء الفهم، وعدم القدرة على إيصال الفكرة بالطريقة السليمة، وبالتالي فان الناصح مطالب بالتعاطي مع الفئات الاجتماعية، وفقا للتفاوت الاجتماعي، وكذلك عطفا على المناخ الاجتماعي السائد، مما يسهم في احداث اختراق حقيقي، وإيصال النصيحة بالطريقة المناسبة.

التحلي بالأخلاق، والامتثال للقيم الفاضلة، تشكل عناصر جذب لدى الناصح، فالمجتمع يرفض الاستجابة للنصيحة الصادرة من شخص غير صالح، ”فاقد الشئ لا يعطيه“، وبالتالي فان النصيحة لا تجد اثرا ايجابيا، بمجرد صدورها من شخص فاقد للأهلية، لاسيما وان النصيحة تستهدف تصحيح بعض المسارات الخلطئة، مما يستدعي وجود عناصر مؤهلة للقيام بالدور المطلوب، نظرا لخطورة مثل هذه الأدوار، خصوصا وان البعض يحاول القفز على المؤهلات الخاصة عبر ممارسات عديدة، الامر الذي يسهم في احداث حالة من الفصام، بين النصيحة والبيئة الاجتماعية المستهدفة.

هناك خيط دقيقة يربط بين الناصح والنصيحة، ينبغي الحفاظ عليه والحرص على عدم قطعه، من اجل استكمال المهمة وتحقيق النجاح المطلوب، خصوصا وان قطع الخيط الرفيع بين الناصح والنصيحة، يعني خروج المشروع عن المسار الصحيح.

كاتب صحفي