آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

هل يحبنا الله

عبد الرزاق الكوي

قال تعالى: «يابني آدم خدوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا وأشربو رلاتسرفوا إنه لا يحب المسرفين»

وقال عز وجل؛ «ولاتبذر تبذيرا، أن المبذرين كانو إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا».

وقال سبحنه وتعالى؛ «ثم لتسئلن عن النعيم».

وفي الحديث «إذا أراد الله بعبدا خيرا ألهمه الاقتصاد وحسن التدبير، وجنبه سؤ التبذير والإسراف».

قال ابو ذر لمعاوية حين رآه يبني قصرا بادخا، اذا كان هذا من مالك فهو الإسراف، وإذا كان من مال الأمة فهي الخيانة.

حذرت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة بني ادم من الوقوع في الإسراف والتبذير لما لهو من آثار خطيرة.

فما هو الإسراف وماهو التبذير؟

الإسراف: هو تضييع المال وإتلافه مهما كان قليلا، ويمكن الاستفادة منه سواء في المأكل او المشرب او الملبس او المسكن او كهرباء او ماء او اجهزة او غيرها. حيث يعتبر مبالغ في ما اباحه الله عز وجل وفوق ما نحتاج. او وضع الشيء في غير محله

اما التبذير: هو انفاق المال في غير حقه، وقيل صرف الشيء فيما لاينبغي، وقيل تفريق المال على وجه الإسراف، او تصرف المال في ماحرمه الله لعبا وتساهلا في الأموال.

قال الشاعر:

دبر العيش بالقليل ليبقى فبقاء القليل بالتدبير

لا تبدر وإن ملكت كثيرا فزوال الكثير بالتبذير

فالإسراف والتبذير اصبح ظاهرة وهو من الذنوب والآثام التي ذمها الله عزوجل ونهانا عنها لما يسببانه من عدم تقدير واحترام النعم وإهدارها هباء ودون جدوى. ولا ينبغي نبرر ونعتبر الإسراف كرما، فالإسراف صرف بغير وجه حق وزيادة على الحاجة، اما الكرم يصرف في موقعه الصحيح بدون زيادة.

فبعد أيام يدخل الشهر المبارك شهر الصيام والتقرب الى الله عزوجل والعيش من خلاله في اجواء روحانية، لنشاهد ماذا سوف نعد لهذا الشهر الشريف، سوف نتسابق على مراكز بيع المواد الغذائية وكاننا مقبلين على مجاعة، او طوال العام لا نشتري فقط هذا الشهر كأن قد دعانا الله عز وجل ان نتسابق في الشراء أكثر مما نحتاج وننفق فوق طاقتنا تقربا لله عز وجل، أصبحت هذه هي الحكمة من شهر رمضان، وكأن مجتمعنا خالي من الفقراء والمساكين ولا احد وبدون مأوى صالح للسكن، اصبح من سمات هذا الشهر وفضائله من يشتري اكثر ويرمي في النفايات نعم الله الذي حرم منها الكثير من حولنا واخبار المجاعة تصلنا مصورة.

ان نسبة ما يرمى من ما انعم الله علينا في شهر العبادة والتقرب الى الله يصل تقريبا الى 45?، فاولا ارتكاب محرم وثانيا لو وضع محله وساعد فيه جمعية خيرية، لأعطي لفقير تآكله الحسرة وهو يأن من الجوع وعدم استطاعته توفير لقمة بسيطة لأطفاله، وموأدنا عامرة بأنعم الله تزين على احدث طراز من اجل التقاط صورة للتباهي،

امتد هذه الحالة الى بعض أماكن نتقرب فيها الى الله عز وجل، حيث يحضر بعض المصلين الطعام الى المسجد يفيض في بعض الإحيان عن الحاجة، ولا يمكن الاستفادة منه بعد فتحه واستخدام بعضه ويكون مصيره القمامة، ولو طلب من الشخص تقديم قيمة هذا الطعام مبلغ بسيط لجمعية او لجنة مساعدة الفقراء لتردد البعض، رغم ان الأجر والثواب زيادة لو ذهب لمستحقينه.

اما مجالس القراءة فتكثر في هذا الشهر المبارك بين بيت وآخر وحسينة ومسجد، لكثرة هذه المجالس اصبح المتواجدين في أكثرها يعد على الأصابع، طبعا توزع فيها المأكولات والمشروبات. زد على ذلك بعض العائلات الكريمة والمحترمة تقدم وجبة فطور في هذا الشهر، لا تخلى من فائض.

من واجبنا في هذا الشهر المبارك، كما هو الصيام والقيام وتلاوة القران الكريم والأدعية المباركة تقبل الله من جميعا، إنما يتم بالوقوف في وجه هذه الظاهرة، ان نجعل هذا الشهر شهرا نتحسس آلام الفقراء والمساكين ومعاناتهم، ان من أهم القيم التي يحملها لنا هذا الشهر، قيمة البدل والعطاء والتحنن على من يحتاجون. ومتى وعينا هذه القيمة، فإننا سنقلل كثيرا من المآسي من حولنا من اهلنا وجيراننا وأهل منطقتنا، ولن نضطرهم الى أن يمدو أيديهم الى أحد، حتى يحصلو على مافيه عزتهم وكرامتهم، ومساعدتهم من اجل عدم انحراف ابنائهم بسبب الفقر.

ليكن هذا الشهر انطلاق مبارك لكل الشهور والمناسبات من احتفالات من عقد الزواج الى الزواج ومصاريفه وتكاليفه الباهظة والغير مناسبة في علاقة يحبها الله عز وجل الى نقمة علينا بكثرة مصاريفها التي في غير محلها تصل الى الإسراف والتبذير، وتحميل كاهل الاسرة مالا تطيق من مصروفات معروفة لا داعي لذكرها، أصبحنا نتسابق في إقامة حفل لم يسبق فعله، فضلا عن أعياد ميلاد الابناء وما يقدم فيه ويصرف له، وصولا الى القراءة الحسينية الأسبوعية رغم انها قربة مباركة لكن بعض المجالس تصل تكلفة الليلة من قراءة وما يقدم من طعام الى حوالي آلاف ريال او يزيد، ويأتي علينا شهر الاحزان شهر ابي الأحرار الذي قدم حياته فذاء للدين، نشاهد ما يحدث من اهدار للطعام فيه، تبذأ وجبات الطعام منذ السابعة صباح حتى الليل في بعض المجالس، وزد على ذلك ما يوزع على البيوت، تشاهد في براميل القمامة كثير من الطعام لم يلمس، فهل هذا نعتبره حبا للأمام الحسين وهل سوف يكون مسرورا لهذا الواقع.

حتى أحزاننا في موتانا أصبحت مكلفة وفوق طاقة الكثير، كمسلم مطالب امام الله سبحانه وتعالى على قطرة ماء مهدرة وإسراف في استخدام الكهرباء، وما نبني وما نلبس وما نستخدم من اجهزة.

فإذا استمر واقعنا على ما نحن عليه فهو الجهل والنزول الى الهاوية وغضب الله سبحانه وتعالى، فلن نجد حكيما مسرفا حتى لو كلن مقتدرا، فالجهل والإسراف وجهات لعملة واحدة.

فالكل اليوم مسؤول من الاسرة الى رجال الدين والعلماء وجميع أفراد المجتمع التكافل من اجل عدم استمرار هذا الخطر. تقليص المهدر من المال في مالا يرضي الله عز وجل، وترشيد الإنفاق بايقاف تلك المظاهر المأذنة والدخيلة على من ينتمي الى ال البيت حيث يقولون كونو زينا لنا ولاتكونوا شينا علينا. وما هكذا أدب الامام الصادق اتباعه،

لو استفدنا من الكم المهدر في مناسباتنا لتحصلنا على سعادة الدارين، مجتمع متكافل وآجر وثواب وطاعة للرحمن. ان ما يهدر لو استغل لبناء حسينية واحدة بل عدة حسينيات بمرافقها ومواقفها يستفاد منها للمناسبات الدينية والاجتماعية، تكتب باسم من قام بهذا الفعل النبيل، وان هذه المبالغ لو قدمت للجمعية لما بقى فقير ولا مسكين ولا محتاج بدون مأكل ولا مأوى، ولا بقى يتيم بلا كفالة وتطورت جميع مرافقها لتقديم الأفضل.