آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

الربح.. المصالح

محمد أحمد التاروتي *

يتحرك البعض وفق قاعدة المصلحة اولا واخير، فالمبادئ الاخلاقية ليست ذات أهمية، بمجرد تعارضها مع المصالح الخاصة، ولكنها تبقى مقدسة في حال التقائها مع المصالح الشخصية، وبالتالي فان القواعد الاخلاقية متحركة وليست ثابتة، فاتجاه مؤشر المصلحة يحدد مسار المبادئ الاخلاقية، الامر الذي يفسر الانقلاب الكبير، في المواقف بين ليلة وضحاها.

مواقف البيئة الاجتماعية ليست ذات أهمية على الاطلاق، فهي تحتل المرتبة الاخيرة في الغالب، خصوصا وان المصالح تلعب دورا اساسيا في تحديد الخيارات، والتعامل مع القضايا العامة، وبالتالي فان الورقة الرابحة تمثل الخيار الاول والاخير، فاذا كانت في عكس التيار الاجتماعي، فما الضير من اللعب بهذه الورقة، لتحقيق المكاسب على الارض، بينما تكون المواقف بجانب المحيط الاجتماعي، حينما تهب الرياح الى جانبه، مما يدفع اصحاب المصالح للتحرك بخطوات حذرة، ومدروسة في الغالب، تفاديا لركوب القاطرة الخاطئة.

ركوب الموجة الرابحة احدى السمات الاساسية، لاصحاب المصالح الخاصة، فهذه الفئة تحاول امتطاء الجواد الرابح على الدوام، مما يدفعها للتحرك وفق مواقف الحصان الرابح، نظرا للاثار المترتبة على التحالف مع الفريق المنتصر، خصوصا وان التمسك بالمبادئ الاخلاقية يحرمها من التمتع بالمزايا المتوخاة، من التحالف مع الفريق الرابح، وبالتالي فان رصد الساحة عملية دائمة لاصحاب المصالح، من اجل التحالف مع الاقوياء باعتبارهم الطريق، نحو ترتيب الأوضاع الشخصية.

المصالح الخاصة ليست واحدة، فهناك المصالح ذات الإطار الضيق، التي لا تتجاوز النطاق الجغرافي للشخص، فهي تدور ضمن دائرة محدودة للغاية، فيما توجد مصالح كبرى تتجاوز المساحة الجغرافية الصغيرة، لتشمل مساحات كبرى، وبالتالي فان نوعية المصالح تحدد الاليات المستخدمة لتحقيقها على ارض الواقع، فالمصالح الضيقة لا تتطلب الكثير من التنازلات، او المزيد من الجهد، نظرا لمحدودية الاهداف المرسومة للوصول لتلك الغايات، بينما تحتاج المصالح الكبرى بذل الكثير من الوقت، وإبرام التحالفات مع الكثير من القوى، وكذلك تقديم التنازلات الكبرى، خصوصا وان تحقيق تلك المصالح يتطلب القيام بمثل هذه الخطوات.

النجاح في تحقيق المصالح مرتبط بتوافر الظروف الاجتماعية، واستغلال المستجدات السياسية، فهذه التحركات تتطلب الرصد الدقيق لمختلف الاحداث على الارض، خصوصا وان التهاون في التعاطي مع الواقع يقود الى نتائج سلبية، الامر الذي يستدعي مواصلة العمل على مدار الساعة، لاسيما وان المواقف قابلة للتحول السريع وفقا لتيار المصالح الخاصة، وبالتالي فان ايجاد الارضيّة المناسبة يسهم في الوصول الى الاهداف المنشودة، بينما التغافل او الاستهتار في دراسة التموجات الاجتماعية، تكون نتائجه وخيمة على اصحاب المصالح، سواء على الصعيد الشخصي او الاجتماعي.

تسويق المبادئ الاخلاقية لدى فريق المصالح لا يقدم ولا يؤخر، باعتبارها ترفا فكريا غير قادرة على تحريك الواقع المعاش، فالحياة بحاجة الى لغة مغايرة تماما عن لغة المبادئ، والقيم الفاضلة، خصوصا وان المصالح تحرك مختلف العلاقات الاجتماعية، والسياسية والاخلاقية، الامر الذي يفرض اعتمادها كمعيار في التعاطي مع الواقع، بعيدا عن الاعتبارات العاطفية.

‏?

كاتب صحفي