آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

شهر ضيافة الله «18»

محمد أحمد التاروتي *

يتلمس المسلم خيرات وبركات، شهر رمضان المبارك قبل حلوله بأيام، حيث تبدأ النفحات الايمانية تهب على الجميع إيذانا بدخوله، كما تشتاق بيوت الله لاستقبال المصلين، في جميع الفرائض اليومية، فيما تصدح المساجد باصوات العابدين تضرعا، وتذللا لنيل الغفران، بالاضافة لارتفاع صوت لقراءة القران الكريم، في البيوت خلال ساعات النهار والليل، فالشهر الفضيل ”ربيع القرآن“، فالمسلم يحرص خلال شهر رمضان على المداومة في العبادة، وتلاوة كتاب الله وقراءة الدعاء، والتقرب الى الخالق بكل الجوارع، " «اللهم أجعلنا في هذا الشهر الشريف من عتقائك من جهنم وطلقائك من النار».

شهر رمضان يحظى باهتمام خاص، لدى المسلمين في اصقاع العالم، اذ يجد المسلم طعما خاصا بالمقارنة مع بقية شهور العام، نظرا لاختصاصه بفريضة الصيام وتفتح أبواب الجنان للعباد ”أيها الناس إنّ أبواب الجنان في هذا الشهر مفتَّحة فسَلُوا ربكم أن لا يغلقها عليكم“، مما يضفي عليه ميزة ليست متوافرة في مختلف الشهور، الامر الذي يتمثل في الطقوس غير الاعتيادية، التي تتزامن مع إطلالة الشهر الفضيل، فالجميع يتلمس التحول الكبير لدى المسلمين بمجرد رؤية هلال شهر رمضان، سواء الصعيد العبادي او السلوكي، فالمسلمون يحرصون على مراعاة قدسية الصيام، مما ينعكس السلوكيات الخارجية في التعاملات اليومية، ”شهرٌ هو عند الله أفضلُ الشهور“.

نفحات شهر رمضان ليست قاصرة، على زيادة الشحنة الايمانية لدى المسلم، منذ اليوم الاول، فالبركات التي تمتاز بها ايام الشهر الفضيل تظهر على الجميع، حيث تصب الرحمة الالهية على الصائمين صبا، ”إنّ الله تعالى يعتق في آخر ساعة مِن نهار كُلّ يَوم مِن شَهر رَمَضان ألف ألف رقبة فسل الله تعالى أن يجعلكَ منهم“.

بركة شهر رمضان ليست خافية على الجميع، فالصائم يأتيه زرقه من حيث لا يحتسب، سواء من خلال الموائد المفروشة في دور العبادة، او مشاريع افطار صائم، التي تنتشر بشكل كبير، منذ اليوم الاول حتى نهاية الشهر الفضيل، بالاضافة لذلك فان الاسر الفقيرة لا تضيع في شهر ضيافة الله، حيث تقوم الجهات الخيرية بتوفير الطعام لتلك العوائل، مما يرفع عن كاهلها اعباء البحث عن الطعام، اذ يتحرك الجميع لنيل المغفرة والرضوان في الشهر الكريم،. ”أيها الناس مَن فطر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه“.

خصوصية شهر رمضان الكريم كثيرة وعديدة، بالاضافة للبركة الكبيرة والمغفرة الواسعة من قبل الله للصائم، فان الانفاس تكون تسبيحا والنوم عبادة، وهذه الامور من خصوصية شهر رمضان المبارك للصائم، كما كرم الله سبحانه وتعالى على عباده، فقد اختص الشهر الفضيل باستجابة الدعاء، فضلا قبول عمل الصائم، وبالتالي فان بركات شهر رمضان تشمل البرنامج الشخصي للصائم، من اجل الاجتهاد في العبادة على الدوام، خصوصا وانها فرصة لا تعوض للتقرب للخالق، في الفسحة الزمنية القصيرة، التي لا يعلم المسلم تكرارها في السنة القادمة، ”أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعائكم فيه مستجاب“.

شهر رمضان مدرسة روحية وتكافلية في الوقت نفسه، ففي الوقت الذي يحرص على الاجتهاد في العبادة، فانه يعمل على اداء الفرائض، وعدم ارتكاب ما يخدش الصيام من سلوكيات، سواء فيما يتعلق بالعلاقة مع الخالق، او العلاقات الاجتماعية، فانه - شهر رمضان - يحض المسلم على مشاركة الاخرين في العمل الخيري، والتحرك الصادق للتخفيف من معاناة الفقر، التي تكابدها بعض العوائل، من خلال التحريض على افطار الصائمين ”ولو بشق تمرة“، باعتبارها اقل الطعام الذي يقدمه المسلم لاخيه، لسد الجوع بعد ساعات طويلة من الصيام، " أيها الناس، انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهرٌ هو عند الله أفضلُ الشهور، وأيامه أفضلُ الأيام، ولياليه أفضلُ الليالي، وساعاته أفضلُ الساعات "

كاتب صحفي