آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

هل تريد السعودية حرباً في الخليج؟!

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

السؤال الأكثر إلحاحا خلال هذه الأيام، هو: هل ستقع حربٌ ضد إيران، وهل المملكة تدفع باتجاه الصدام العسكري؟.

هنالك تباينٌ سياسي وأمني عميق بين الرياض وطهران، يتعلق بطبيعة العقل السياسي الذي يحكم كل نظام، وكيفية صياغته لعلاقاته الخارجية، ونفوذه الإقليمي. هما مدرستان مختلفتان تماما. بينهما من الفروقات الكثير، والكثير. وهو ما يجعل الصدام أمرا حتميا بين النظامين، بسبب المصالح المتضاربة، والأهم، العقيدة السياسية التي ترسم معالم التأثير الخارجي.

الصدام الحتمي هنا، ليس بالضرورة أن يأخذ شكلا مسلحا، عسكري الطابع. بل هو يتعلق بمجالات: الاقتصاد، الأمن، السياسة، الاستخبارات، وشبكة العلاقات الدولية. أي أن هنالك حربا بأدوات أخرى، تدار رحاها، بطريقة غير تقليدية.

هذه المواجهة غير الكلاسيكية، بدأت منذ سنوات خلت، وستستمر، محكومة بحدود وخطوط مرسومة، تسعى الرياض أن لا يتم تجاوزها، كي لا تضطر أن تقع في فخ المواجهة المسلحة المباشرة.

هنالك منطق الجغرافيا السياسية، وهو واقع قائم لا يمكن أن يتم إغفاله، أو القفز عليه، فهو حقيقة ماثلة. فالسعودية جارة لإيران، وبالتالي فإن كلا البلدين محكومان بهذا القرب المكاني، ما يدفع باتجاه أن تكون هنالك قواعد للاشتباك، حفاظا على أمن الإقليم.

الرياض، وفي بيان مجلس الوزراء الذي ترأسه الملك سلمان بن عبدالعزيز، الثلاثاء المنصرم، 21 مايو الجاري، أكد حرص ”المملكة على السلام في المنطقة وأنها لا تسعى إلى غير ذلك، وستفعل ما في وسعها لمنع قيام أي حرب، وأن يدها دائماً ممتدة للسلم وتسعى لتحقيقه“. بل إن البيان أضاف بوضوح ”أن من حق شعوب المنطقة بما فيها الشعب الإيراني أن تعيش في أمن واستقرار وأن تنصرف إلى تحقيق التنمية“.

التأكيد على السلام، ليس موقفا ينبع من ضعف، بل لعلم المملكة بأن الحرب ليست الطريق الأمثل لحل المشكلات، وأن بالإمكان إيجاد حلول عبر طرق مختلفة، اقتصادية وسياسية، تلتزم القانون الدولي، وتدفع إيران لمراجعة سياساتها الخارجية، والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، بما يمهد لحوار حقيقي وعملاني، يضع حدا للتوتر الذي يسود المنطقة.

وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، أوضح في مؤتمره الصحافي الذي عقده في وقت سابق هذا الشهر، أن أهداف المملكة تتمحور في ”التركيز على التنمية، والتركيز على الإصلاحات الداخلية، والتركيز على تطبيق رؤية المملكة 2030، من أجل تحسين الوضع المعيشي للمواطن والمواطنة السعودية“. أي أن الرياض لا تريد صرف أموال ميزانيتها على الحروب، وإنما تخطط لأن تستثمر هذه الموارد في الإصلاحات الداخلية، وبناء اقتصاد قوي ومستدام.

إذا تعرضت المملكة لأي هجوم أو اعتداء، لن تقف مكتوفة الأيدي، وسترد. إلا أنها تدفع باتجاه تغليب منطق العقل والحكمة، وهو المنطق الذي تدعمه الإمارات العربية المتحدة، أيضا.

الإيرانيون بدورهم يعلنون أنهم لا يريدون الحرب. إلا أن مجرد التصريحات لوحدها لا تحل المشكلات. والمطلوب وجود مبادرة عملية، وخطوات حسن نوايا من طهران، تقطع الطريق أمام أي أصوات أو جهات تريد للصدام العسكري أن يحدث. وهي المهمة الصعبة، التي على الإيرانيين أن ينهضوا بها، وحينها سيجدون اليد السعودية الممتدة للسلام والأمن في المنطقة.