آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 8:59 م

العاطفة.. العقل

محمد أحمد التاروتي *

الانسياق الكامل وراء العاطفة مشكلة كبرى، لاسيما وان تعطيل العقل يدخل في متاهات مظلمة، مما يتطلب خلق حالة من التوازن العاطفي، والتفكير العقلاني، في مقاربة القضايا على اختلافها، لاسيما وان تغليب العاطفة يتسبب في اثارة بعض المشاكل، في التعاطي الايجابي والمنطقي، فالعاطفة تتحرك باتجاهات متعرجة وغير مستقيمة في الغالب، بحيث تدفع لاتخاذ قرارات انفعالية، وغير صائبة غالبا، بخلاف التفكير العقلاني الذي يرسم الطريق الصائب، ويحدد الهدف بدقة متناهية، تفاديا للدخول في مشاكل عديدة.

الركون للعاطفة في معالجة المشاكل، يكشف عن قصور كبير في المنهجية الحياتية، فالانسان الذي يترك العنان لعاطفته يتركب الكثير من الاخطاء، بعضها ذات اثر محدود على الصعيد الشخصي وكذلك على الجانب الاجتماعي، فيما البعض الاخر اثاره جسيمة في مختلف الاصعدة، نظرا للتداعيات الكبيرة على انتهاج هكذا مسالك، الامر الذي يتطلب وضع ضوابط صارمة في التعاطي مع القضايا، خصوصا وان التحرك الانفعالي وغير الواعي، يترك تداعيات على المدى القريب والبعيد، بالاضافة لكون التحرك العشوائي المستند على العاطفة، يرسم طريقا خاطئا في البيئة الاجتماعية، مما يستدعي اعادة برمجة الخطوات، بما ينسجم مع التوازن في التفكير العقلاني، وعدم الانسياق العاطفي في معالجة الامور على اختلافها.

العاطفة تلعب دورا كبيرا في تحريك المشاعر الانسانية، فالمرء الذي يفتقر للجانب العاطفي، يتحول الى وحش يلتهم القريب والبعيد، نظرا لغياب الرحمة من القلب تجاه الاخر، مما ينعكس على السلوك الخارجي، بحيث تغلب المصلحة الشخصية على العلاقات الانسانية، بيد ان طغيان الجانب العاطفي على التفكير العقلاني، امر مرفوض في كثير من الاحيان، فالانسان الذي يتحرك بالعواطف لا ينظر للامور من الزوايا المختلفة، حيث ينطلق في الغالب من العاطفة غير المنضبطة، وغير القادرة على رؤية الامور من جميع الزوايا، مما يحدث حالة من القصور في اتخاذ القرار المناسب.

تحكيم العقل ينم عن قدرة على ضبط الاعصاب، والابتعاد عن القرار الارتجالية والانفعالية، فالعاقل يحاول دراسة القرارات من جميع الجوانب، بالاضافة لوضع كافة الاحتمالات الناجمة عن الارتدادات المترتبة على القرارات المتخذة، من اجل وضع الحلول المناسبة لمعالجة الامور بشكل سليم، خصوصا وان الانخراط العشوائي يترك اثارا سلبية، ويعرقل المعالجات المثالية، الامر الذي يظهر على شكل إخفاقات متكررة، وغير مستغربة في الغالب.

التركيز على القرارات المتزنة، يساعد على ابقاء الامور تحت السيطرة، لاسيما في ظل اختلاف ردود الافعال من قبل الاخرين، فالبعض يحاول اقتناص الفرص لاثارة المشاكل، بمجرد اصدار القرارات غير الصائبة، من اجل احداث بلبلة وارباك في الوسط الاجتماعي، سواء لغايات شخصية او لمآرب اخرى مستقبلية، فيما القرارات المنطلقة من التفكير العقلاني، تسهم في لجم الأصوات المزعجة، وتسهم في استقطاب جميع الأصوات، بينما القرارات العاطفية تشكل خطورة كبيرة على ”الرضا الاجتماعي“، كونها قرارات ارتجالية، وغير متزنة، وغير مدروسة، نظرا لكونها وليدة اللحظة، وليست نتاج تفكير عميق بدراسة الجذور، والنظر الى التفاعلات المتوقعة خلال المرحلة اللاحقة.

تبقى العاطفة محركا لدى البعض، نتيجة العصبية القبلية او الاسرية او غيرها، مما يضع غشاوة على العيون في رؤية القرارات الصائبة، الامر الذي يدخل الجميع في مشاكل عديدة، نظرا للعيوب الحقيقية الناجمة عن الانجرار وراء العاطفة، في معالجة القضايا على اختلافها، سواء الشخصية او الاجتماعية.

كاتب صحفي