آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

المواهب.. الوأد

محمد أحمد التاروتي *

توافر البيئة الحاضنة عنصر اساسي، في تنمية المواهب على اختلافها، لاسيما وان الافتقار للبيئة المثالية يقضي على تلك الطاقات، والكفاءات في مهدها، مما يحرم المجتمع من الاستفادة من تلك المواهب، خصوصا وان المجتمعات البشرية بحاجة مستمرة للكفاءات، لمواصلة مشوار العطاء في مختلف المجالات، الامر الذي يفرض توفير اسباب تفجير الطاقات، واستبعاد جميع العراقيل، التي تعترض طريقها.

عملية اكتشاف المواهب خطوة اولي، في سبيل اطلاقها لتأخذ دورها الطبيعي في المجتمع، فالتحرك وفق منهجية واضحة، ورؤية سليمة، يسهم في خلق الظروف المؤاتية، لاكتشاف المواهب، باعتبارها الخزان الاستراتيجي لرفد المجتمع بالإنجازات بشتى الاصعدة، فالعملية ليست مرهونة بمجال محدد، او فترة زمنية معينة، وانما مشروع تنمية المواهب مفتوح على الدوام، وبالتالي فان اطلاق البرامج القادرة على اكتشاف المواهب عملية تراكمية، وليست مقصورة على حقبة زمنية محددة، لاسيما وان التطور الذهني والتقدم العلمي، يفرض صقل المواهب لمواكبة تلك التطورات، نظرا لاهمية القراءة المستجدة للتطور الاجتماعي المستمر.

رصد الموارد المالية اللازمة، وتهيئة المناخ المناسب، للاستفادة من الكفاءات البشرية، عوامل اساسية في استمرارية توليد المواهب بالمجتمع، لاسيما وان الموارد المالية قادرة على تذليل الكثير من العقبات، التي تعترض طريق تلك الكفاءات، في تحقيق الانجازات القادرة على النهوض، وتحقيق التقدم في مختلف المجالات، بالاضافة لذلك، فان رصد المبالغ الطائلة ليس قادرًا، على احداث تغييرات جذرية في التفكير الاجتماعي، واحداث تحولات حقيقية في المسيرة التنموية، مما يفرض انشاء المراكز البحثية القادرة على احتضان الكفاءات، فالعملية تكاملية، وليست قائمة على جانب دون اخر، وبالتالي فان وضع المواهب على المسار الصحيح، يستدعي ايجاد القنوات القادرة على إيصالها الى الهدف المنشود، مما ينعكس ايجابيا على التحولات التنموية لدى المجتمع.

التشجيع بدوره يشكل احد العوامل الاساسية، في بروز المواهب، فالبيئة الايجابية قادرة على اظهار المواهب بالشكل اللائق، لاسيما وان عملية اطلاق المواهب تتطلب وجود بيئة قادرة على التفهم، ومحاولة تجاوز بعض العثرات الصغيرة، خصوصا وان الوقوف امام بعض الاخطاء الهامشية، يمثل خطورة كبرى على اكتشاف بعض المواهب، مما يستدعي التجاهل المقصود لتلك الاخطاء الصغيرة، باعتبارها أمور هامشية لا ينبغي التوقف عندها، وبالتالي فان التشجيع بمثابة العصا السحرية القادرة، على تفجير الطاقات الكامنة، مما ينعكس بصورة مباشرة او غير مباشرة، على المسيرة الايجابية، لتلك المواهب في المستقبل البعيد.

محاولة الوقوف امام المواهب، او التقليل من انجازاتها على الارض، عملية محفوفة بالمخاطر، خصوصا وان قطع الماء عن البذرة بعد غرسها، يعرضها للموت، وعدم القدرة على مقاومة عوامل الطبيعة، كذلك الامر بالنسبة للتقريع الشديد الذي يمارس تجاه المواهب في بداية الطريق، فهو يسهم في تحطيم الطاقات، ويمنع من الاستمرار في اكتشاف، تلك الكفاءات البشرية، لاسيما وان النوايا الحسنة لتلك الممارسات، لا تبرر الاستمرار في عملية التقريع، والعنيف الشديد، فهناك الكثير من الاساليب القادرة على التوجيه السليم بعيدا عن التقريع، او استخدام الخشونة في التعامل، خصوصا وان الاخطاء واردة في مختلف الاعمال، فالذي لا يعمل لا يخطئ..

استقبال المواهب بصدر رحب، أجدى نفعا، من اظهار الوجه العبوس، فالاول يسهم في تنمية تلك الكفاءات، ويسهم في تفجيرها بالطريقة المثالية، فيما الثاني يقضي على المواهب في مهدها، مما يحرم المجتمع من عناصر قادرة على العطاء، واثراء المسيرة التنموية.

كاتب صحفي