آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

مكافأة ترامب

محمد أحمد التاروتي *

اطلقت اسرائيل على مستوطنة جديدة في هضبة الجولان السورية اسم ”ترامب“ كنوع من رد الجميل، والمكافأة على اعتراف الادارة الامريكية، بالجولان كجزء من اسرائيل، لاسيما وان الاعتراف الامريكي يمثل انتهاكا صارخا للمواثيق، والاعراف الدولية وتمزيقا لجميع القرارات الدولية.

اختيار اسم الرئيس ترامب على المستوطنة الجديدة في الجولان المحتل، رسالة سياسية لمختلف الاطراف الدولية، مفادها وجود تطابق وانسجام كبير في المواقف، بين تل ابيب وواشنطن بشأن مصير الجولان، وبالتالي فان المعارضة العالمية لقرار ترامب بضم الجولان لاسرائيل، لا تلقى اهتماما يذكر من الطرفين، بمعنى اخر، فان اطلاق اسم ترامب على المستوطنة الجديدة، يكشف جزء من المخطط المرسوم، لمستقبل هضبة الجولان المحتلة، لاسيما وان الحكومة الاسرائيلية ماضية في ترجمة قرار الاعتراف، بضمها تلك الاراضي المحتلة من خلال المشاريع الاستيطانية، خصوصا وان سياسة الاستيطان تمثل الطريقة الاكثر قدرة، على تكريس سياسة الامر الواقع.

تحاول تل ابيب استغلال الدعم الكبير للإدارة الامريكية الحالية، لاحداث تغييرات ديمغرافية على الارض، وزيادة الحركة الاستيطانية، بهدف خلق واقع على الارض لتكريسها احتلالها للأراضي السورية، خصوصا وان الحكومة الاسرائيلية تجد في ادارة البيت الابيض الحالية داعما قويا، لأطماعها في لفرض الامر الواقع على المناطق التي تحتلها، الامر الذي يفسر التوسع الاستيطاني في مختلف المناطق المحتلة، سواء الفلسطينية او السورية.

الإشارات السلبية التي اطلقها السفير الامريكي في تل ابيب، بأحقية اسرائيل في ضم جزء من أراضي الضفة الغربية الفلسطينية، تأتي استكمالا للدعم غير المسبوق للإدارة الامريكية لحكومة الاحتلال، لاسيما وان التصريحات تأتي بعد الاعتراف الرسمي بالقدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الامريكية اليها، الامر الذي يعطي انطباعات بوجود نوايا غير طيبة تقف خلف هذه القرارات من ادارة ترامب، وبالتالي فان الحكومة الاسرائيلية تحاول الاستفادة من الظروف السياسية، لاحداث تحولات جذرية في مسيرة القضية الفلسطينية.

السياسة الاستيطانية الاسرائيلية، احد الأسلحة التي تستخدمها في مختلف المناطق المحتلة، حيث تعمد لقضم اجزاء من الاراضي بعد مصادرتها، من أهلها تحت مبررات واهية وكيدية، من اجل إقامة المستوطنات على تلك المناطق، لاسيما وان خلق الواقع اليهودي يتطلب احداث تغييرات كبيرة في التركيبة السكانية، مما يتطلب انتهاج سياسات عنصرية وقمعية تجاه اصحاب الارض، عبر المزيد من التضييق والأبعاد وتجميد رخص البناء، وغيرها من الاجراءات الهادفة لاجبار الاهالي على الهجرة، بالتالي فان الاعلان عن اقامة مستوطنة جديدة، في هضبة الجولان باسم ترامب، تأتي استكمالا للسياسات الممارسة في تلك المناطق منذ احتلالها في عام 167.

الموقف الخجول من المجتمع الدولي، تجاه الاعتراف الامريكي بضم هضبة الجولان لاسرائيل، وتجاهل الاجراءات الاستيطانية الاسرائيلية المستمرة منذ سنوات، تدفع باتجاه اتخاذ خطوات اخرى، لاحداث تغييرات ديمغرافية في الاراضي المحتلة، الامر الذي يمثل انتهاكا صارخا بالمعاهدات والمواثيق الدولية، المتعلقة بالإجراءات المتبعة بشأن الاراضي الواقع تحت الاحتلال.

المعطيات على الارض لا توحي بوجود نوايا حسنة لدى اسرائيل، بالانسحاب من الاراضي المحتلة، نظرا لامعانها في تكريس وجودها على الارض، من خلال التوسع الكبير في بناء المستوطنات، مما يعني ان الدعوات لمفاوضات السلام بمثابة ذَر الرماد في العيون.

كاتب صحفي