آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:42 ص

النشاط الوظيفي

محمد أحمد التاروتي *

يتحرك الانسان جاهدا لترك بصمة واضحة، سواء الصعيد الشخصي او الاجتماعي، لذا فانه يحرص على ترجمة قناعاته على المحيط القريب والبعيد، من خلال الدخول في مشاريع ذات اثر فاعل، سواء لتعظيم الحصيلة الذاتية، او لزيادة الفائدة الاجتماعية، لاسيما وان التحركات تختلف من شخص لاخر، فالبعض ينطلق من دوافع ذاتيه باتجاه تغيير الواقع الاجتماعي، فيما البعض الاخر يضع الصالح العام في مقدمة الاولويات، مما يدفعه لتحمل الخسائر الشخصية، من اجل النهوض بالوعي الاجتماعي.

الايمان الراسخ بالقدرة على احداث تغييرات، احدى المحفزات لمواصلة مشوار العطاء، والعمل الجاد، لاسيما وان الافتقار للقناعات بامكانية احداث تحولات الاجتماعية حقيقية، يدفع باتجاه التراخي والاحباط وعدم المبادرة بالعمل، خصوصا وان المجتمع يعج بالأصوات الرافضة للتحرك الهادف لتغيير الواقع الاجتماعي، انطلاقا من قناعات بصعوبة احداث تغييرات حقيقية في الثقافة الاجتماعية السائدة، الامر الذي يتجلى في محاولة إقناع اصحاب إرادة التغيير على التنازل، وعدم اضاعة الوقت بدون فائدة، انطلاقا من قناعة شائعة مفادها ما فائدة، ”النفخ في القربة المخرومة“

الاحساس المسؤول بعظم الرسالة الملقاة على العاتق، يدفع باتجاه تسخير العلوم والقدرات، وكذلك الوظيفة في سبيل خدمة المجتمع، ”زكاة العلم نشره“، وبالتالي فان الشعور بحجم المسؤولة محرك داخلي، لرفض جميع دعوات ”التثبيط“، التي تنطلق من افواه البعض، سواء كانت تلك الدعوات صادقة، انطلاقا من قراء دقيقة للواقع الاجتماعي، او كانت ذات أهداف خاصة، ومصالح شخصية، لاسيما وان الرفض يمثل السلاح الأقوى، في سبيل النهوض بالمسؤولية تجاه المجتمع.

وجود الارادة القوية، والقدرة على تحمل الضغوط القريبة، وكذلك تجاهل الضغوط الخارجية، عناصر اساسية في مواصلة المشوار الصعب، والمحفوف بالمخاطر غالبا، لاسيما وان الوقوف امام التيار الجارف يتطلب قدرة فائقة، في الصمود وعدم الاستسلام، خصوصا وان العملية مرتبطة بمصالح اجتماعية، وليست أغراض خاصة وأهداف ضيقة، مما يستدعي الوقوف على ارضية صلبة للبقاء حتى النهاية، لاسيما وان تيار الضغوط يبدأ عنيفا وقويا، ولكنه سرعان ما تتراجع قوته بعد فترة الصمود، وعدم الرضوخ لمختلف انواع الضغوط المادية والمعنوية.

اختلاف الوظيفة تحدد مستوى الخطر، وحجم الجهد المبذول، فالوظيفة الصغيرة تكون خسائرها متواضعة، وغير كبيرة للغاية، نظرا لمحدودية الاثار المترتبة عليها، فيما تكون الاثار كبيرة وعظيمة، على حملة الوظائف الكبيرة، واصحاب مشاريع التغيير الشاملة، الامر الذي يفسر تجاهل الوقوف امام حملة الوظائف الصغيرة، والوقوف بقوة وحزم امام اصحاب المشاريع النهضوية الضخمة، نظرا لادراك البعض الاثار المستقبلية، على نجاح هذه المشاريع على الصعيد الاجتماعي، مما يدفع لتحريك جميع الأدوات لادخال اليأس في النفوس، ومحاولة زعزعة القناعات بجدوى الاستمرار في هكذا مشاريع.

النشاط الوظيفي محرك أساس في اطلاق العديد، من المبادرات والمشاريع الضخمة، فالمرء الذي يحمل على عاتقه رسالة نبيلة، يحاول تسخير الوظيفة في سبيل النهوض بالمجتمع، من خلال اطلاق العديد من البرامج الهادفة، وذات الأثر الفعال على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وان الكثير من المبادرات انطلقت من الإدراك الداخلي لدى البعض، بضرورة استغلال الامكانيات الوظيفية، لإسعاد المحيط القريب والبعيد على حد سواء.

كاتب صحفي