آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

الردع.. القوة

محمد أحمد التاروتي *

يستخدم المتخاصمون سلاح الردع كوسيلة للتخويف، والقضاء على محاولات افتعال نزاعات جديدة، حيث يعمد كل طرف لاخافة خصمه بطرق مختلفة، سواء كانت بطرق مباشرة او غير مباشرة، من اجل إيصال الرسائل واضحة وصريحة، مفادها بضرورة توخي الحذر من الاصطدام المباشر، نظرا لوجود مفاجآت كثيرة قادرة على تغيير المعادلة بشكل كامل، فكل طرف يحاول الاحتفاظ بالأوراق الرابحة، كاحدى وسائل الحرب المفتوحة بين الطرفين، من اجل تكريس التفوق النفسي في ادارة عملية الردع.

فاعلية سلاح الردع مرتبطة بوجود مؤشرات حقيقية، بالقدرة على تحقيق الانتصار، او القدرة على الصمود حتى النفس الاخير، وكذلك امكانية توجيه ضربات مؤلمة للخصم، خصوصا وان الاقوال ليست قادرة على اخافة الخصم، وبالتالي فان الخصم يحاول اختبار قوة الردع، عبر الدخول في صراعات هامشية، واحيانا افتعال مناوشات بالوكالة، من اجل اكتشاف القدرات الحقيقية للخصم، بهدف اجراء قراءة دقيقة لإمكانيات العدو، ومحاولة ايجاد الوسائل المناسبة لاحداث توازن في ميزان الردع، لاسيما وان سلاح الردع متاح للجميع، والكل يحاول تسخيره لصالحه، بيد ان العبرة تكمن في القدرة على استخدامه بالطريقة المثالية، لاجبار الخصم على التراجع، واحتساب الخطوات بدقة قبل الأقدام، على مغامرة تكون نتائجه غير محسومة سلفا.

الحرب النفسية احدى الأدوات المستخدمة في سلاح الردع، فالخصوم يتحركون باتجاه ادخال الرعب في النفوس، من اجل استبعاد المواجهة المباشرة، نظرا للاثار السلبية الناجمة عن الاشتباك المباشر، وبالتالي فان تسخير الحروب النفسية امر اساسي، في تفعيل توازن الردع لدى الخصوم، فكل طرف يحاول إبراز العضلات واظهار الامكانيات التدميرية الضخمة، التي تسهم في ترجيح الكفة، وتحقيق الانتصار بسرعة البرق، بمجرد اندلاع المواجهة، الامر الذي يفضي لحالة من الترقب، وفرض معادلة الخوف المشترك، نظرا لخشية كل طرف من وجود أرواق حاسمة، تنهي المعركة في غضون فترة قصيرة.

التعرف على نقاط الضعف لدى الخصم، يمثل احد العناصر الاساسية في حرب الردع بين الخصوم، اذ يحاول كل طرف دراسة الاخر من جميع الجوانب، بهدف التعرف على مكامن القوة، والوقوف على نقاط الضعف، من اجل ايجاد الوسائل المناسبة لمواجهة مكامن القوة، ومحاولة استغلال نقاط الضعف، لتعظيم الفائدة من سلاح الردع، لاسيما وان تغافل هذه العناصر يفتح الباب امام الخصم، لتوجيه الضربة القاصمة، بمعنى اخر، فان الوقوف على قوة وضعف العدو عملية ضرورية، لاحداث التوازن المطلوب في معركة البقاء في الساحة، فالتغاضي عن التوجيه السليم لنقاط الضعف، يمثل النهاية السريعة من الخصم، بمجرد نشوب حرب حقيقية.

عملية الاستخدام السليم لسلاح الردع مرهونة بالقدرة، على استخدام الموارد البشرية بالطريقة المثلى، وتسخير الماكنة الاعلامية، نظرا لوجود تكامل حقيقي بين العنصر البشري والاعلام، في إيصال رسالة الردع للخصم، فالإخفاق في اداء الدور التكاملي بين الكوادر البشرية والوسائل الاعلامية، يعطي نتائج سلبية في الغالب، مما يمنح الخصم الفرصة لاستغلال هذه الثغرة، في الاستفادة من سلاح الردع لصالحه، نظرا للفشل في الاستخدام المثالي لسلاح الردع.

يبقى سلاح الردع وسيلة فاعلة، في تحقيق الكثير من الانتصارات، في المعارك على اختلافها ”سلاح الرعب“، بشرط ايجاد الارضيّة المناسبة لاستخدام السلاح، بطريقة متوازنة، وقادرة على احداث حالة من الخوف لدى الطرف المقابل، لاسيما وان الخصم لا يرفع الرأية البيضاء، بسهولة بدون الدخول في اختبارات عملية، للتعرف على القدرات الحقيقية قبل اتخاذ قرار اعلان الانسحاب او مواصلة المعركة.

كاتب صحفي