آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

مجموعة العشرين.. نادي الأقوياء «2»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

هناك من لا يريد أن يدرك جهلا أو تجاهلا أن ما صنعه السعوديون هو ما جلب لهم المكاسب. النفط هبة من الله لا شك، وهدية هائلة تستحق الشكر وحسن التدبير، لكن النفط لا يأتي ومعه عقل وتدبير. ولا مجال للمجاملة هنا، وتأكيدا فلننظر منذ تأسيس الدولة السعودية الثالثة كيف كان اقتصاد بلادنا المترامية الأطراف وكيف غدا. حدث هذا التطور لامتلاك الملك المؤسس طيب الله ثراه رؤية، بيّنها في أقواله وبينتها أفعاله.

فمن أقواله المشهورة: ”سأجعل منكم شعبا عظيما وستستمتعون برفاهية هي أكبر بكثير من تلك التي عرفها أجدادكم“، وبالفعل فمن أول الأعمال التي قام بها في بدايات تدفق إيرادات النفط إلى الخزانة العامة أن نادى مجموعة من المهندسين والمختصين من الولايات المتحدة ليناقش معهم ما يمكن أن يعد أول برنامج تنموي عرفته المملكة، فقد كان مهتما أيما اهتمام بتشييد بنية تحتية من طرق وسكك حديد ووسائل اتصال لتربط أصقاع الفيافي والقفار ولينتشر التعليم والرعاية الصحية، لتحل محل صعوبة التنقل وتفشي الأمية والمرض. وعندما ارتفعت أسعار النفط ارتفاعات كبيرة قبل نحو نصف قرن من الآن، كانت أول خطة خمسية للتنمية قد استبقتها في عام 1970، وكان لها هدفان التنويع الاقتصادي والاستفادة من الموارد البشرية المواطنة، واستمرت التنمية هي الدافع للإنفاق العام. وعند تأسيس الصناديق الحكومية المتخصصة حدثت نهضة كبيرة عمرانية وصناعية.

وبالتأكيد كانت الطموحات كبيرة دوما، وعلى الرغم من الإنجاز إلا أنه كان يقصر عن الطموحات لاعتبارات أبرزها أن المنطقة من حولنا لم تحظ باستقرار منذ الأربعينيات حتى اليوم، والأمر الآخر أن الإيرادات النفطية على الرغم من ضخامتها إلا أنها كانت متذبذبة. وقد شهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات ضائقة اقتصادية نتيجة قصور الإيراد عن الإنفاق، حتى وازى الدين العام قيمة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ورغم كل ذلك حافظت المملكة على زخم اقتصادها، الذي كان دائم النمو، وإن بوتيرة متذبذبة، حيث يبلغ المتوسط السنوي لنمو الناتج المحلي الإجمالي على مدى نحو نصف قرن منذ عام 1970 أقل قليلا من 5 في المائة.

وإن شهدت الأربعينيات قيام الصناعة النفطية بما في ذلك إنشاء مصفاة رأس تنورة في عام 1949 بطاقة 50 ألف برميل، فقد شهدت السبعينيات تأسيس الصناعات الأساسية، ودخول المملكة مجال الصناعات التحويلية غير النفطية من أوسع أبوابه، وهكذا، أخذ البنيان الصناعي يرتفع ويشتد عوده: من نفط، لتكريره، لصناعات أساسية، ثم صناعات تحويلية. وساير ذلك نهوض قطاع مالي على أسس متينة ليس له نظير في المنطقة... يتبع.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى