آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:01 م

حماية النساء من العنف أولوية

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

تحولت قضية غدير الموسوي، ابنة النائب عن «حزب الله» نواف الموسوي، إلى قضية رأي عام في لبنان، بعد مطاردة طليقها لها بالسيارة، على الطريق السريع، وهو ما تطور لاحقاً إلى شكوى رسمية، وإطلاق نار!.

ليس مهماً تفاصيل الحادثة تقنياً، إنما بيت القصيدة هو أن غدير تمثل مثالاً على المعاناة التي تعيشها الفتيات المطلقات في لبنان، وتحديداً من لديهن أبناء، في موضوع الحضانة، والعلاقة مع آباء أولادهن. غدير، ورغم أن والدها عضو في «حزب الله»، لم يتمكن من حمايتها مما تعرضت له من تعسف، وهو ما أباح به الموسوي لبعض المشاركين في اجتماع اللجان البرلمانية المختصة بدراسة قانون حماية المرأة من العنف، حين قال «أنا لم أستطع حماية ابنتي، فكيف بالأخريات!»، بحسب ما نقله موقع «درج» الإلكتروني.

الصحافية اللبنانية بادية فحص، عانت من ذات المشكلة منذ سنوات. وهي دونت تجربتها في «درج»، قائلة «حادثة غدير وطفليها، قلّبت علي المواجع، وذكّرتني بطفليّ، وبكثير من الأطفال، الذين يؤخذون عنوة من أحضان أمهاتهم، لا لذنب اقترفوه هم، أو أمهاتهم، ولا لجريمة ارتكبوها، إنما تنفيذاً لمشيئة الذكر، وجعلتني أحسدها، على رغم مأساتها، لثقتها بأنها حين تستنجد بأبيها، بإمكانه أن يحرك جيشاً لإنقاذها. أحسدها، وأتذكر أبي الذي استضعفته الطائفة كلها، ووقفت ضده، حتى في عاطفته الأبوية، أبي الذي مات قبل أن يرى حفيديه». في إشارة منها إلى والدها، السيد هاني فحص، وهو شخصية دينية وسياسية وثقافية لها علاقات قوية مع رؤساء وزعماء عدة دول وحكومات، ومع هذا لم يستطع أن يجد حلاً لمشكلة ابنته، بسبب القوانين التعسفية ضد المرأة، في موضوع حضانة الأبناء.

إذا كانتا غدير وبادية، وهما ابنتا شخصيتين لهما شبكة نفوذ وعلاقات، وتعرضتا لكل هذه المشكلات القضائية، ولم يستطع والداهما إنقاذهما، فما بال آلاف المطلقات ممن لديهن قضايا مشابهة، من عائلات فقيرة، أو محدودة التعليم، أو لا يستطعن التعبير عن ذواتهن؟. بالتأكيد سيكون وضعهن أكثر سوءاً ومعاناتهن ستدوم طويلاً، ما لم يتم سن قوانين عادلة وشفافة، تحد وتمنع التحرش والعنف الجسدي واللفظي والمعنوي ضد النساء، وتعطيهن الحق في تربية الأبناء ورعايتهن، بما يتوافق والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

كثير من الأحزاب العقائدية، ومن ضمنها «حزب الله»، ترفع شعار كرامة الإنسان وتحريره، لكنها عملياً تنشغل بالسياسة والسلاح والمعارك الحزبية، وكثير منها يتورط في التحالف مع مافيات من الفاسدين والعنصريين، ويتناسى أن التحرير الفعلي، يبدأ من الأسرة، ومن حماية حقوق الأفراد، ومن منع الاعتداء على النساء، ومن حفظ حقوقهن كاملة.

كرامة الإنسان لا تبدأ بتحرير فلسطين، التي أهلها أدرى بشأنها، وإنما بالعمل القانوني الجاد لسن قوانين تحمي النساء والأطفال، ليكون الإنسان أولاً، قبل السلاح، وقبل أي شعارات عابرة للحدود والأوطان، سيمر زمن طويل، وطويل، دون أن يتحقق شيء منها!.