آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

الشاي الرقمي والزواج الرقمي

ليالي الفرج * صحيفة الرأي السعودي

صارت لغة الاصطلاحات العلمية، ولا سيما تلك التي ترتبط بالحياة الرقمية، لغة شبه يومية، بين أبناء هذا العصر الذي يوصف فيه كل شيء بالرقمي، حتى علم العروض الخليلي طالته يد «الرقمنة».

وإذا كانت الواقعية مدرسة كلاسيكية في الفنون والآداب، استحدثها أبناء القرون التي سبقت القرن العشرين، وتداولوها في أدبياتهم، حتى أصبحت عجينة أساسية في معجم كتاباتنا وإصداراتنا، فإنّ مصطلح الواقع وما نشأ حوله من تصنيفات في عصرنا، أخذ يتفرع تبعًا للتحولات العلمية في حقل التكنولوجيا، وبالأخص في حقول تكنولوجيا الاتصالات الحديثة.

إن مفردة «الواقع» في عصرنا، لا بد للمتحدث أو الكاتب أن يتبعها بوصف تتيح للمتلقي فهم الواقع المقصود، فالواقع الحقيقي، جاء بعده الواقع الافتراضي، وتلاه الواقع المعزّز الذي يندمج فيه الواقع الحقيقي بالافتراضي، إلى أن صار الحديث في آخر الأيام عن الواقع المختلط، وفي ذلك ألف حديث وحديث.

وهنا يتذكر أغلبنا إن لم يكن جميعنا، بداية مرحلة الانتقال والتحول الذي بدأ يتسلل - على مهل - إلينا، كمستخدمين أو قل كمستهلكين، كما نستهلك مختلف السلع أو الخدمات مع ما اصطلح عليه بثورة الاتصالات ودخولنا لعالم «الشبكة العنكبوتية العالمية»، كمفهوم يبين منذ متى أصبحنا على تماس مباشر بالعولمة التي نتعاطى معها في البداية «حديث خرافة يا أمّ عمرو».

والآن، وبعد أن ارتبطت الأفئدة والأبصار بهذا الكمّ التكنولوجي الموصوف بأنه ذكيّ مرّة وأخرى وثالثة سمارت «smart»، وسيعقبه وصف فائق الذكاء سوبرسمارت «super smart» مرّات ومرّات، راحت المفاهيم الاجتماعية تتشابك بسرعة بين ظلال هذه التحولات، فمجتمعات ما قبل ذلك، كانت في الغالب مرتبطة بحزمة من معطيات البروتوكول الاجتماعي الذي يأتي ضمن القيم أو الأعراف المجتمعية وتحافظ عليها ثقافة المجتمع.

لكنّ في عصرنا ليس خاف تجاوز البعض لكثير من تلك المعطيات البروتوكولية، وثمة زيجات أنتجها الواقع الذي سموه افتراضيًا، ونطقناه نطقًا سليمًا، ولكنه بات في واقعنا الحقيقي شاخصًا أمام الجميع.

دون أدنى ريب، مجتمعاتنا ستمر بمراحل متسارعة من هذه التحولات، فيما يحتمل أن تكون غالبيتنا تابعة للتحولات ذاتها دون أن تلتفت إلى ما هو غثّ وما هو سمين. وحتى حديث آخر أودعكم مع كأس شاي رقمي مُخدَّر «بفتح وتشديد الدال».

كاتبة رأي في صحيفة الشرق السعودية
شاعرة ومهتمة بترجمة بعض النصوص الأدبية العالمية إلى العربية ، ولها عدَّة بحوث في المجال التربوي.