آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

التحرك الواعي

محمد أحمد التاروتي *

يمثل التحرك الواعي البوصلة لتحديد الاتجاهات بدقة متناهية، حيث يرسم ملامح الخطوات المستقبلية، بعيدا عن الفوضوية والارتجالية، خصوصا وان التحرك غير المدروس يدخل صاحبه في متاهات، وطرق يصعب الخروج منها، نظرا لافتقاره للآليات اللازمة للتعامل مع المفاجآت المحتملة، وبالتالي فان الحرص على الاختيار الدقيق للخطوات ينم عن وعي كبير، بحيث ينعكس على مجموعة المواقف، وسلسلة التحركات على الصعيد الشخصي، مما يترجم على الإطار الاجتماعي في نهاية المطاف.

امتلاك الوعي ضمانة لايقاف التخبط، والضياع في مواقف الحياة، من خلال الإمساك بزمام الأمور بعيدا عن الانفعالات، او الاستجابة للمواقف غير المتوازنة، خصوصا وان الماكنة الإعلامية تلعب دورا كبيرا، في ترسيخ بعض القناعات الخاطئة، او تهيئة الرأي العام لاتخاذ مواقف متخبطة، او غير عقلانية، الامر الذي يستدعي تحكيم العقل والابتعاد عن الضغوط الخارجية، من اجل اتخاذ المواقف الأكثر أنسجاما مع الرؤية العقلانية، خصوصا وان العاقل يتحرك بشكل متوازن وسط الألغام الاجتماعية، بهدف حفظ التوازن وعدم الوقوع في شرك اللعبة الإعلامية، وبالتالي فان التريث وعدم الاستعجال يمثل الخيار المناسب، للخروج من الضغوط الخارجية، لتفادي السير وراء الماكنة الإعلامية، الساعية لفرض واقع على العقل الجمعي.

القدرة على القراءة الدقيقة لمسلسل الاحداث، بمثابة طوق نجاة من التيار الاجتماعي الجارف، فالمرء الواعي يرفض الانسياق وراء الضغوط الاجتماعي، او الانخراط طواعية في الصراعات المبهمة او الغامضة، مما يجعل مواقفه متمايزة في الغالب عن المحيط الاجتماعي، نظرا لامتلاكه الإرادة الكاملة في الابتعاد، عن التيار الاجتماعي الجارف الساعي، لإشراك الجميع في لعبة غير مضمونة النتائج، وأحيانا تكون تلك الضغوط الاجتماعية ”رهانا خاسرا“، وبالتالي فان محاولة القراءة المتأنية خطوة أساسية، للتعرف على الأسباب الحقيقية، بالإضافة لمحاولة التكهن بالآثار المستقبلية، الناجمة عن الخطوات المتهورة وغير الواعية، للموقف الاجتماعي غير المدروس.

التمايز عن الضغوط الاجتماعي، ليس مدعاة لاتخاذ للخصومة، والجفاء التام مع مفاتيح القرار في المجتمع، او الانزواء بعيدا عن التفاعل مع البيئة الاجتماعية، بقدر ما يهدف لإطلاق صفارة إنذار لتكون تحذيرا عمليا، بمدى خطورة السير قدما في المخطط المتهور، مما يمثل خطوة أولى باتجاه إعادة النظر في سلسلة القرارات، وعدم مواصلة المشوار حتى النهاية، خصوصا وان صوت العقل يجد أصداء إيجابية لدى بعض أصحاب الحل والعقد، الامر الذي يفضي لانتهاج اليات مغايرة تماما، وبالتالي احداث تحولات جذرية، وانتهاج سياسة مختلفة تماما عن الاّراء السابقة، لاسيما وان الأصوات الصادقة تحاول تصحيح الأوضاع، وإعادة رسم الخطط بما ينسجم مع التحولات الجديدة، باعتبارها الوسيلة الاكثر قدرة على ايقاف تيار التهور، الذي يقوده البعض بدون وعي في الغالب، سواء نتيجة أطماع ذاتية، او بسبب الحماس الكبير غير المنضبط، مما يدخل الجميع في معركة خاسرة، لا تقتصر اثارها على المحيط الصغير، وانما يكتوي بنيرانها المجتمع بأجمعه.

وجود الوعي عامل حاسم في خلق الظروف الملائمة، لتصحيح المسارات الاجتماعية، فضلا عن المساهمة في تصحيح الاعوجاج، في القرارات الارتجالية او المتسرعة، لاسيما وان الوعي بمثابة الشمعة التي تضئ المسيرة الجمعية، ”العالم باهل زمانه لا تهجم عليه اللوابس“، وبالتالي فان امتلاك الوعي عنصر فاعل في إيقاف بعض القرارات غير الصائبة، من خلال دراسة التبعات، ومحاولة قراءة ردودالافعال، مما يسهم في وضع الخيارات المناسبة، عوضا من الأقدام على اتخاذ القرارات، دون النظر الحلول المناسبة، في حال تفاقمت الأمور بشكل غير متوقع.

كاتب صحفي