آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

اضحى مبارك

محمد أحمد التاروتي *

يحل عيد الأضحى المبارك على الأمة الإسلامية، وسط دعوات واماني بانقشاع السحابة السوداء، التي تضلل أوضاع المسلمين منذ سنوات عديدة، فالآمال الكبيرة بزوال المآسي الجاثمة على الصدور تجدد سنويا، لاسيما وان اليأس من انتهاء مسلسل خيبات الامل مرفوض جملة وتفصيلا ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ، ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ الله، مما يدفع لتغلب الفرح على الحزن، ومحاولة مسح الدموع، وإشاعة الابتسامة على الوجوه، باعتباره الحل الأمثل لمواصلة مشوار الحياة، بالتفاؤل بعيدا عن الصور المأسوية، التي تهجم على المسلم بين لحظة وأخرى.

يعيش المسلمون فرحة العيد بكل تفاصيله، من اجل إعطاء صورة مشرقة للعالم، بضرورة التأقلم مع منغصات الحياة، وعدم التوقف امام دعوات الاستسلام، والركون للإحباط، فالمسلم مطالب على الدوام لالقاء البؤس وراء ظهره، والإقبال على الحياة بكل حيوية ونشاط، بهدف بث التفاؤل في النفوس، وتحطيم جميع الأغلال المادية والمعنوية، التي تحيط بالحياة من مختلف الجوانب، فالعملية مرتبطة بإرادة الحياة، وعدم الاستسلام لمختلف أنواع التهاون والضعف، خصوصا وان العيد احد مظاهر مقاومة الحزن والإحباط، عبر إشاعة الفرح في النفوس، ونشر أجواء السعادة في المحيط الخارجي.

تجدد الأعياد والاستعداد المبكر، لاستقبال عبر الكثير من الممارسات، يعد أبزر مظاهر مقاومة اليأس والإحباط، خصوصا وان الأجواء الخارجية الجارية في العالم، تحدث اثرا سلبيا في النفوس، نظرا لسيطرة النوازع الشيطانية، والاطماع الشخصية، والنفوذ السياسي، والأغراض الاقتصادية، على مجمع الاحداث الساخنة، المستعرة في العديد من نقاط العالم، وبالأخص في العالم العربي، وبالتالي فان الأعياد فرصة لادخال السعادة في النفوس، وبث حالة من القراءة المعاكسة، لغيمة اليأس الجاثمة على الصدور.

عيد الأضحى المبارك، يجسد حالة من التعاضد، والتلاحم بين المسلمين، حيث يتجلى العطف في أبهى صوره، من خلال ذبح الأضاحي مع صبيحة العيد، وتقديمها للفقراء ومحاولة بث رسالة واضحة، بوجود حالة من التعاون يظهر في أعياد العيد، وبالتالي فان العيد يحدث اثرا كبيرا في النفوس، تجاه الفقراء من خلال تقديم جزء من الأضاحي، بهدف المساهمة في رفع جزء من معاناة الحياة عن كاهل فقراء المسلمين، مما يشكل انعكاسا إيجابيا في وسط المجتمع الإسلامي، فالعملية لا تتوقف عند كمية صغيرة من اللحوم تقدم للفقراء، وانما تتجاوز للاثار المعنوية الكبيرة المترتبة، على محاولة انتشال حالة العوز والبؤس، لدى شريحة اجتماعية، مما يؤسس لقراءة مختلفة تماما، عن الحالة السابقة المسيطرة في نفوس بعض الفقراء.

التلاحم الناجم عن تقديم الأضاحي في العيد، يحدث اثرا إيجابيا في النفوس المحطمة والمنكسرة، جراء المصاعب الدنيوية، وعدم القدرة على الخروج من حالة البؤس والفقر، فالعيد بما يحمله من خير لدى بعض الشرائح الاجتماعية، يبعث برسالة على إمكانية التحول من حالة البؤس الى البحبوحة بين ليلة وضحاها ”سبحان مغير الأحوال من حال الى حال“، وبالتالي فان الرسالة المعنوية لتقديم الأضاحي تتجاوز تناول بعض اللحوم، لتشمل القضاء على الإحباط، والتحرك بتفاؤل لتغيير الواقع البائس، بما يسهم في عمارة الأرض بالخير.

تبقى حلاوة فرحة العيد مستمرة في النفوس، رغم قساوة الحياة، وسيطرة عوامل الإحباط، على شرائح اجتماعي، فالمسلم مطالب بإظهار الفرحة عبر الممارسات الخارجية، ولعل ابرز ملامحها الملابس الجديدة، والتي تعطي رسالة واضحة على قدرة المسلم، على تجاوز المنغصات الخارجية، وخلق أجواء الفرح، في المحيط الاسري والمجتمعي على حد سواء.

كاتب صحفي