آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

الفساد من أشد معوقات تقدم المجتمعات

عباس سالم

قال تعالى: «وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ? وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» صدق الله العلي العظيم.

الفساد هو من أشد المعوقات خطورة في طريق تطور وتنمية المجتمعات، وهو ظاهرة إجتماعية سلبية قديمة وحديثة، محلية وعالمية، والتي لا زالت تعيش بيننا وتفتك بنا لغياب حس الإنتماء الوطني وتدهور الأخلاق أمام المغريات المادية، وهو عدو شديد الخصومة لاستقرار المجتمعات ونظام حياتها.

جريدة الرياض وفي عددها 16929 ليوم الخميس 6 محرم لعام 1436 هـ الموافق 30/اكتوبر/2014م، إن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» كشفت عن تعثر وتأخر وسوء تنفيد 789 مشروعاً، ووقفت على 450 قضية فساد، وأن 67?? من ممارسات الفساد والإهمال تمركزت في البلدية والصحة والتربية والتعليم، وأن 33??? توزعت على بقية الأجهزة الحكومية.

تعثر الكثير من المشاريع التي تقوم بها بعض الوزارات في الوطن، كوزارة الصحة وتعثر مشاريع إنشاء مراكز صحية في بعض المناطق والقرى، وكذلك تعثر المشاريع التي تقوم بها البلديات كتعثر مشاريع أسواق النفع العام ”أسواق السمك واللحوم والخضار“ وغيرها من المشاريع في الكثير من مدن البلاد، تعطيل أو تأخير تلك المشاريع التي تم التوقيع على تنفيذها كشف عن خلل كبير في الكثير منها، وأسقطت أقنعة الفساد التي يتخفى خلفها بعض الرؤساء والمهندسين المشرفين عليها.

عادة ما نجد الفساد منتشراً طليقاً يعشعش في بلداننا، وتنعدم الشفافية والوضوح على وجوه المسؤولين في بعض الوزارات والدوائر، الذين ينتمون إلى دين نهى عن الفساد بكافة أشكاله، ولكن من الصعب أن نجده يعيش بكل حرية في المجتمعات المتقدمة التي تتمتع بالديمقراطية والشفافية، وتسودها العدالة ويحكمها القانون، حيث تفعل آليات المحاسبة ولا يعلو أحد على سلطة القانون ولا توجد أي استثناءات ولا مكان للواسطة أو المحسوبية أو الرشوة، فالقانون على الجميع دون تمييز.

الصينيين القدماء بنوا سُوَر الصين العظيم ليعيشوا في أمن وأمان، حيث لا يستطيع أحد من الغزاة تسلقه وغزوهم من فوق ذلك السور، وبعد مائة سنة من بنائه تعرضت الصين لعدة غزوات جميعها ليس من فوق سورها العظيم، وإنما جميعها كانت من المدخل الرئيسي للسور وبعلم الحارس! تدرون لماذا؟ لأن الصينيين انشغلوا في تحصين السور العظيم وتَرَكُوا الحارس من دون تحصين، وقام بقبول الرشاوي من الغزاة وسمح لهم بالمرور إلى داخل المدينة لتخريبها!

النهج السلوكي والأخلاقي للكثير من الناس في المجتمع قد تغير، فانزلقت قيمهم الأخلاقية وقبلوا بالرشوة. في هذا الزمان انتشرت الرشوة بين معظم الناس في المجتمع، حيث أنك تستطيع القيام بعمل ليس ضمن النطاق المعروف أوضمن النظام المتبع مقابل مبلغ مالي تدفعه لعديمي الضمير في بعض الوزارات لتمرير معاملات غير قانونية، وفي بعض الأحيان لا تستطيع القيام بعمل ضمن النطاق المعروف وضمن النظام المتبع إلا ووقف المتسلطين في بعض دوائر الدولة بوضع العراقيل والمتطلبات للتنكيل بالناس حتى يضطروا مجبرين على مخالفة النظام ودفع الرشاوي لهذا وذاك لتخليص معاملاتهم منها.

خلاصة الكلام هي: أن الوطن غالي والوطنية التي يجب على كل مسؤول احترامها بصدق قد انهارت أمام المغريات المادية ومُسِح?تْ من بين أيديهم، فهل هناك طريقة لبناء روح الوطنية من جديد للمسؤولين عن المشاريع في البلديات وفي وزارة الصحة وغيرها؟.


Sent from my iPhone