آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 10:58 ص

هل يمكن نمو الإيرادات غير النفطية والاقتصاد معا؟ ”5“

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

لا بد من الاستدراك بالقول، إن تعامل منشآت الأعمال على تفاوت أحجامها وأنشطتها ومواقعها الجغرافية للاستفادة من إعادة الهيكلة التي يعايشها الاقتصاد السعودي للتحول من الريع للإنتاج لا يكون بالتشبث بطرق الماضي، فهي باتت إلى حد بعيد غير صالحة لجلب الأرباح، فقد كانت تلك الطرق ترتكز على معطيات منها رخص أسعار الطاقة ورخص اليد العاملة وتدني الرسوم، وهذه المعطيات لم تعد حاضرة، وعليه فمن البداهة القول إنه لا بد من أن تجد المنشآت جميعا، المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والكبيرة والعملاقة، طرقا بديلة لتحقيق الربح، ترتكز على المعطيات الحاضرة الآن.

وهذا مطلب صعب، فهو أقرب ما يكون مواجهة صعبة مع الذات، وانقلابا على ما اعتاد الكثيرون من ملاك ومديري تلك المنشآت على ممارسته. لكن لا بد من تلك المواجهة، لإيجاد إجابة عملية وليست تنظيرية للسؤال: كيف أنتقل بمنشأتي حتى تستمر في تحقيق الربح والانتعاش آخذا في الاعتبار التغيرات في الرسوم وتكاليف المنافع؟ أما لماذا الزعم أن تلك المواجهة مطلب صعب، فهو أن العلاقة بين المالك ومنشأته عادة ما تكون صدق أو لا تصدق علاقة عاطفية، ويلوم كل أحد لما قد تعانيه منشأته نتيجة للتقلبات إلا نفسه.

ولا بأس من لوم الآخرين لكن اللوم في حد ذاته لن يخرج المنشأة من مصاعبها، بل ما سيخرجها هو التمعن بموضوعية في الوضع الراهن، وفي ارتفاع الموج واتجاه الريح، وإرخاء الأشرعة أو شدها وتعديل مسار المنشأة لتفادي التحطم على صخور الواقع. وفوق ذلك فقد تكون الإجابة صادمة يصعب قبولها، ولا سيما إن كان نموذج العمل الذي دأبت عليه المنشأة هو في عكس اتجاه المسار، فمثلا إن كان مصدر ربحيته كثيرا من العمالة الوافدة وهامش ربح منخفض.

في هذه الحالة، الاحتمال الأرجح أن المنشأة ستتعرض لخسائر، فبلا شك أن الزيادة في الرسوم وإعادة هيكلة أسعار المنافع ”ولا سيما الطاقة“ ستزيد من التكاليف. وتفاديا لذلك على تلك المنشأة أن تخفف من عدد العمالة إجمالا باللجوء للأتمتة، ومن جانب آخر الاعتماد بصورة أكبر على العمالة المواطنة لتفادي دفع رسوم المقابل المالي. أما المنشآت التي بحاجة إلى مراجعة شاملة لنموذج العمل فهي الصناعية التي تقوم على نموذج عمل شره في استهلاكه للطاقة وكثيف العمالة.

أمثال هذه المنشأة غير قابل للاستمرار دون إدخال تغييرات جذرية في نموذج العمل بما يرفع كفاءة استهلاك الطاقة، وقد يتطلب هذا إعادة تصميم العمليات الصناعية برمتها من الألف للياء. ”يتبع“

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى