آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

المعالجة.. الأسلوب

محمد أحمد التاروتي *

سرعة المعالجة او تعثرها، مرتبط بمدى استعداد أطراف الصراع لنداء الصلح، وتغليب صوت الحكمة والعقل، ونبذ استنزاف الوقت والطاقات، بالإضافة لذلك، فان المعالجة مرهونة بالآليات المتبعة، في طريقة التعاطي مع الخلافات، خصوصا وان الأسلوب المناسب قادر على إيجاد القبول، وإطفاء ثورة الغضب، مما يمهد الطريق باتجاه جلوس الخصوم على طاولة المفاوضات، الامر الذي يساعد في انهاء الخلافات، من خلال التغلب على نقاط الخصومة، وتقريب وجهات النظر.

الأسلوب الحكيم يعتمد على تفهم نقاط الضعف، والقوة لإطراف الصراع، مما يستدعي التعاطي مع كل طرف بطريقة خاصة، خصوصا وان اعتماد الوسائل الموحدة لا يخدم الهدف المنشود، الامر الذي يستوجب دراسة الخلافات بطريقة مختلفة تماما، بغرض الدخول في المعالجة بشكل احترافي، بعيدا عن مبدأ الوصاية او استخدام القوة او ممارسة القهر، لاسيما وان الخلافات بحاجة الى دبلوماسية، وقدرة فائقة في التعاطي مع تباعد وجهات النظر، بحيث تنطلق من المشتركات قبل الشروع في معالجة مواطن الخلاف، مما يساعد في وضع الأمور في المسار السليم.

إمكانية المعالجة السريعة تعتمد على أطراف الوسطاء، فهي القادرة على تهيئة النفوس باتجاه نسيان الخصومة، والدخول في مرحلة جديدة، وبالتالي فان مهارة فن المفاوضات احد الأدوات الأساسية لدى الوسيط، فالصبر عملية أساسية في المعالجة، وعدم استعجال النتائج، نظرا لوجود تراكم كبيرة في النفوس، مما يتطلب فترة زمنية لإزالتها من القلوب، وإعادة العلاقات الاجتماعية لسابق عهدها، فالعملية ليست سهلة على الاطلاق، الامر الذي يفسر نجاح بعض المساعي، واخفاق تحركات أخرى.

يتحمل الوسيط جزء من فشل المفاوضات، سواء نتيجة عدم توزيع الأدوار بطريقة متساوية، او الوقوف بجانب طرف دون أخرى، مما يدفع لاتخاذ مواقف متشنجة، ورافضة لاستمرار المفاوضات، نظرا لغياب الوسيط النزيه، ومحاولة فرض بعض الحلول، على طرف دون الاخر، وبالتالي فان الوسيط يتحمل مسؤولية كاملة، في اتخاد موقف الحياد تجاه أطراف النزاع، وتجنب اظهار التعاطف مع طرف دون اخر، باعتباره احد أسباب تعثر الجهود، وضياع التحركات الحقيقية لإنهاء الخصومة.

الاختيار الشخصية المناسبة للمعالجة، يمثل بدور عنصر هام في وضع النهاية السعيدة للخلافات، فهناك عناصر قادرة على تذليل جميع العراقيل، وإشاعة اجراء التفاؤل على الدوام، مما ينعكس إيجابيا على استمرار المفاوضات، والسعي الدائم على تجاوز الألغام، التي يحاول احد الأطراف زرعها في الطريق، لافشال المعالجة واستمرار الخلاف، وبالتالي فان وجود العناصر الرافضة للاستسلام، وعدم التسليم بالفشل، عامل أساسي في عبور الجميع باتجاه شاطئ البر، وعودة المياه لمجاريها مجددا، مما يسهم في عودة الوئام بين أطراف الشرائح المتخاصمة.

الأسلوب بمثابة حجر الأساس، في اطلاق قطار المعالجات بالاتجاه السليم، فالاختيار الخاطئ يفاقم الأمور ويزيد من تعقيد المشاكل، الامر الذي يكرس الخصومة بين الأطراف، عوضا من احداث انفراج حقيقي، وبالتالي فان الأسلوب يلعب دورا حيويا في وضع النهايات السعيدة، ونزع فتيل الخصومة من النفوس، مما يحدث اثرا إيجابيا على مستوى العلاقات الاجتماعية.

وجود الرغبة لمعالجة بعض القضايا الخلافية، ليس كافيا للوصول الى تلك الغاية، فالعملية مرهونة بالقدرة على ترجمة تلك الرغبات على ارض الواقع، من خلال اختيار الفريق المناسب واعتماد الطريقة المناسبة، بالنظر للوضع الاجتماعي، وكذلك مدى تقبل أطراف الصراع للمساعي الحميدة، وبالتالي فان مجموع العوامل تلعب دورا أساسيا، في احداث اختراق حقيقي في نجاح المعالجات، مما ينعكس على شكل انهاء الخلافات، وبدء مرحلة قائمة على مبدأ الاحترام المتبادل، بعيدا عن مبدأ الوصاية او القهر.

كاتب صحفي