آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

مع الحسين «8»

محمد أحمد التاروتي *

استغل سيد الشهداء الالتقاء بجيش الحر الرياحي، فرصة لإزالة التضليل الإعلامي الذي مارسه عبيد الله بن زياد، على السواد الأعظم من الناس، من خلال استخدام المنبر وسيلة لايضاح الحقائق، وتفنيد جميع الادعاءات، التي حاول والي الكوفة الصاقها بتحرك الامام الحسين ، فالخطب تمثل منبرا إعلاميا للرد على الشبهات، والأكاذيب، التي انتشرت كالنار في الهشيم في مجتمع الكوفة بعد دخول ابن زياد المدينة.

بالرغم من قصر الكثير من الخطب، التي القاها سيد الشهداء ، فانها تتضمن العديد من المحاور الأساسية، ذات العلاقة بالموقف المبدئي، تجاه اجبار الامة الإسلامية على التسليم بخلافة يزيد بن معاوية، من خلال كشف الوجه الاخر ليزيد بن معاوية والذي تحاول الماكنة الاموية اخفاءه عن السواد الأعظم من المسلمين، وبالتالي فان الخطب تضع في إزالة الضبابية عن الناس، مما يسهم في تحييد جزء من الامة عن الوقوف بجانب السلطة او الامتناع عن الالتحاق بالجيش الاموي، وبالتالي فان تلك الخطب تصب في خانة ايضاخ الأسباب الحقيقية وراء الموقف الرافض لمبايعة يزيد بن معاوية بالخلافة، بالإضافة لذلك فان تلك الخطب تحمل مدلولات عديدة ذات العلاقة باحقية اهل البيت في تولي الخلافة الإسلامية، ”ونحن أهلُ بَيت محمد أوْلَى بولاية هذا الأمر من هَؤلاءِ المدّعين ما ليس لهم“، وبالتالي فان الخطاب المباشر عملية ضرورية، لاحداث تحولات جذرية في القناعات، لدى الكثير من الناس.

التأثير الإيجابي الناجم عن خطب الامام الحسين ، على جيش الحر الرياحي امر مطلوب، انطلاقا من الحرص الشديد على انقاذ السواد الأعظم من السقوط في التهلكة وتجنب إراقة الدماء، لاسيما وان الجزء الأكبر يتحرك وفق معلومات مغلوطة، او مشوشة جراء الماكنة الإعلامية، التابعة لابن زياد خلال الفترة الماضية، الامر الذي تمثل في خروج اعداد كبيرة من اهل الكوفة، لقتال سيد الشهداء سواء بدعوى الخروج على خليفة المسلمين، او طمعا في الجائزة.

تذكير الامام الحسين في الخطبة التي القاها اهل الكوفة بالكتب والعهود، التي وصلته خلال الأشهر الماضية، يكشف الحقائق على الملأ ويفند جميع الادعاءات الزائفة، خصوصا وان السلطة الحاكمة وصفت تحرك سيد الشهداء ، بانه تحرك من اجل السلطة ومنازعة يزيد بن معاوية الحكم، وبالتالي فان الإشارة الصريحة الى الكتب يفضح زيف تلك الأكاذيب، ويحمل أهالي الكوفة المسؤولية الكاملة تجاه المواثيق، والعهود التي قطعوها على انفسهم، ”أيُّها الناس، إنّها مَعذِرةٌ إلى الله عزّ وجلّ وإليكم، وإنّي لَم آتِكم حتّى أتَتْني كتبُكم، وقَدِمَت علَيّ رسُلُكم أن أقْدِمْ علينا؛ فإنّه ليس لنا إمام، فلعلّ الله يجمعنا بك على الهدى. فإن كنتم على ذلك فقد جئتُكم، فإن تُعطوني ما أطمئنّ إليه من عهودكم ومواثيقكم أقْدم مِصْرَكم، وإنْ لم تفعلوا وكنتم لِمَقْدَمي كارهين انصَرَفتُ عنكم إلى المكان الذي أقبلَتُ منه إليكم“.

بالإضافة لذلك فان سيد الشهداء حذر جيش الحر الرياحي، من مغبة الاقدام على سفك دماء اهل البيت ، باعتبارهم أولى بولاية ”الامر“ من المدعين للسلطة، والخلافة الإسلامية، خصوصا وان استمرار الدولة الاموية يمثل خطورة كبرى على المسلمين، نظرا لاعتمادها مبدأ الجور والعدوان، وسيلة في تثبيت اركان هذه الدولة، وبالتالي فان الوقوف مع الدولة الاموية جريمة كبرى بحق الدين الإسلامي، مما يتطلب إعادة التفكير بطريقة أخرى، فهذه الامور جاءت في خطبة أخرى القاها على جيش الحر الرياحي ”أيّها النَّاس، إنَّكم إن تَتَّقوا الله وتعرفوا الحقَّ لأهله يَكن أرضى لله، ونحن أهلُ بَيت محمد أوْلَى بولاية هذا الأمر من هَؤلاءِ المدّعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان وانتم كرهتمونا وجهلتم حقنا وكان رأيكم غير أتتني كتبكم وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم“.

كاتب صحفي