آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

ألا هل من ناصر

عبد الرزاق الكوي

هذا النداء الذي اطلقه الامام الحسين في كربلاء المقدسة، وهو يواجه جيش بني أمية المرسل من قبل بن زياد وقيادة عمر بن سعد بعد أن وعد بن زياد أن يولي عمر بن سعد ولاية الري بعد قتله الامام الحسين .

حمل هذا الجيش حقد بني اميه، وتاريخهم مع الرسول صلى الله عليه واله وما فعلوه في عم الرسول حمزة بن عبدالمطلب رضوان الله عليه، وسم الحسن المجتبى وقتل صحابة رسول الله، وأتمم المسيرة السوداء المناخية بالدم بن زياد سليل الرايات المرفوعة على المنازل فحريا بهذا الأصل ان يبغض الامام الحسين وأهل البيت ، وعمر بن سعد التاريخ الأسود من الجبن والخاتمة المدلة له في الدنيا والآخرة. فكان جيشا خالي من كل المبادئ والإنسانية تجمعت في الرذيلة من اجل اسكات صوت الحق. حاصر هذا الجيش الكثير العدة والعدد مجموعة عشرات رهنت نفسها للسماء وتركت اعدائها لمزبلة التاريخ، أغلق الجيش الظالم مع سبق الإصرار والترصد كل المنافذ مانعة أحد الوصول إلى كربلاء من اجل نصرة الإمام ، فنادى الامام بكلمته المدوية التي وصل صداها إلى يومنا هذا وحتى تقوم الساعة، ألا هل من ناصر ينصرنا، نداء استجاب له الحر بن يزيد الذي خرج لقتال الإمام ونجى إلى بر الأمان وبقى مخلدا، وكانت خاتمة ابن سعد الخزي والعار في الدنيا وخصمه الرسول صل الله عليه واله في الآخرة.

واليوم نسمع ناعية الامام ألا هل من ناصر ينصرنا، ينصر الامام في ما قام من أجله، هو الدين الذي خرج من اجله الإمام واستشهد فداء له، هذا النداء يستنهض فينا ان نتبع المبادئ والسنن الذي ضحى الإمام بنفسه وأخوته وأصحابه وسبيت بنات الرسالة من اجل ان يكون امتداد لجده صلى الله عليه واله في نشر الاسلام الصادق. حتى لو كان الناصر قليل، المهم ان يكون شريف لا كمن حارب الحسين وحرب الحسين حرب للرسول ﷺ والمبادئ واحدة.

نداء أبي عبدالله الحسين ليس ليوم عاشوراء فقط، انه امتحان في يوم الطف وما بعد الطف، فنجح من نجح في كربلاء المقدسة وسقط من سقط، واليوم الكل يعرف قيم ومبادئ الإمام فمن يريد النجاح سوف يعرف طريقه، طريق الحق ليس مزروع بالورود، في زمن الامام وهم يعرفون انه سيد شباب اهل الجنة تخلوا عن نصرته، وليس طريقنا سهلا ويسير اليوم إذا اردنا جادة الحق وليس لقلقة لسان فقط نتلفظ لبيك ياحسين.

معركة كربلاء كانت بين الحق والباطل، قدم فيها الامام الرضيع والشباب والابن والأخ والشيخ والمرأة، عطشوا قتلوا قطعت اجسادهم رفعت رؤوسهم على الرماح سبيت اطهر ما على الارض العقيلة زينب وبنات الرسول، حتى يصل لنا هذه المثل وهذا التمسك بالحق مهما كلف من ثمن.

فالإمام ينادي في كربلاء وزينب تصرخ في كربلاء والكوفة والشام حتى يصل النداء للرجل والمرأة، للتواصل المسيرة المظفرة، فالخطيب يقول الإمام نادى ألا هل من ناصر، فيجيب الجميع بصوت واحد لبيك ياحسين، وان شاء الله فيها الأجر والثواب وتنعكس هذه الكلمات على واقعنا لأننا اجبنا الامام ليبك وهذا وعد، اما اذا كان ما نقوله عادة أو لقلقة لسان، وننتظر متى ينتهي المجلس ونعود إلى ماكنا عليه سابقا من بعد عن مبادئ الإمام، والدين المعاملة ومعاملاتنا الحياتية تفتقر الى كثير مما خرج من اجله الإمام ونادى ألا هل من ناصر. من سار على الدرب وصل، فلا يخلى مجلس في عاشوراء من نداء الإمام، ما قيمة لبيك ياحسين عاطفيا وقلبيا، قالها الفرزدق، قلوب الناس معك وسيوفهم عليك، واليوم لا نكن من امثالهم وتكون قلوبنا مع الإمام وأعمالنا عليه، كانت القلة القلية الطاهرة مع الإمام قولا وعملا ففازوا، كما كان أبوه الامام علي كانت الصفوة من الصحابة معه فخلدهم التاريخ، وعلى مر التاريخ خلد الكثيرون من ساروا على خطى الحسين ، سيماءهم على وجوههم نور الصلاح، وصلوا لانهم تجاوزوا الامتحان محن وفتن وظلم، الخاتمة نور في الدنيا وفلاح في الآخرة. كانت لبيك ياحسين ليس من طرف اللسان، من قلب عشق الحسين فكان ناصرا لم تبعده المسافات.

قيل الصلاة خلف علي أتم «الآخرة» والاكل مع معاوية أدسم «الدنيا» والوقوف على التل أسلم. «الجبن» فمن سمع ناعيتنا ولم ينصرنا أكبه الله على منخريه في النار. كان هذا الشرف في نصرة الإمام بين أياديهم واليوم لا يفوتنا القطار ونتخلى عن الإمام ونخسر شرف رضا الله جل وعلا والرسول صل الله عليه واله.

الامام قدم حياته وحياة اصحابه، فماذا على اتباع الأمام اليوم.

قال الإمام الصادق :

«إنما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه، واشتد جهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر».

هل نستطيع بإرادة صادقة وتضحية بمتاع زائل أن نرتقي لنيل شرف أن نكون اتباع الإمام ، وصولا إلى مستوى ومكانة أنصاره في يوم كربلاء المقدسة.

خط الأموي هو خط الشيطان والبعد عن مكارم الأخلاق، فحاربه الإمام واتباعه اليوم علينا ان نتمسك اولا بمكارم الأخلاق حتى نستطيع الدفاع عنها ان نلبي دعوة الامام لنا، أما غير ذلك والعياد بالله أما أن نكون محسوبين على جيش بني أمية، أو محسوبين على المتخاذلين الذين لم ينصروا الإمام، خوفا وحبا في متاع الدنيا ونعيمها الفاني. أو كمن قدم فرسه للإمام بدلا من حضوره كربلاء والدفاع عن حرم الله، فمن أراد أن يعرف وقع صرخة الإمام عليه، فلينظر إلى سلوكه، افعاله، معاملاته، لا صلاته ولا صومه مع عظمتهم، فمعاوية قال لأهل الكوفة لم اقاتلكم لكي تصوموا وتصلوا بل لأتأمر عليكم، أن تكون مقاليد الحكم بيدي.

إذا اردنا ان ننجح فليكن قدوتنا الحر، قال عنه الإمام انت حر كما سمتك أمك حر، شاور نفسه بين الجنة والنار، فاختار الجنة، كزهير في ساعة تفكر بقى فيها مخلد مع الإمام الحسين، وكل من مع الحسين كان ولازال قدوة وأسوة من اجل النجاح، فمن منا مثل الحر، باع الدنيا والمناصب والمكانة الدنيوية، واختار أن ينضم في ركب الإمام، وهم على مشارف القتل ولا فرار منه الا الدل والهوان.