آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

العنجهية والتسقيط

جواد المعراج

يلجأ البعض إلى استخدام أسلوب التسقيط تجاه الأطراف الأخرى، وذلك من خلال تشويه سمعتهم، وبث الشائعات والأكاذيب، فالبعض يحاول انتهاز الفرصة لتحطيم وإسقاط شخصية الآخرين، في حال إذا ارتكبوا بعض الأخطاء أو فشلوا بالوصول إلى تحقيق بعض النجاحات والأهداف المعينة، فبعض الأفراد يحاولون تسليط الأضواء على عيوب الأطراف الأخرى، وذلك من أجل نشر عيوبهم بين الناس، ومحاولة إخراجهم من الساحة الاجتماعية والثقافية، أو بمحاولة إثارة الفتن وإحداث الضجة بين أفراد المجتمع.

إن الإنسان بطبيعته يفشل ويرتكب بعض الأخطاء، ويحاول التعلم من أخطائه، ويصلح عيوبه، ومن هنا يجب علينا أن ننصح الآخرين بأدب ونوجههم على الطريق الصحيح، ونقرب وجهات النظر بين بعضنا البعض، ونختلف باحترام وأدب وأخلاق، بدلًا من محاولة تسقيط الأطراف الأخرى، وتحطيمهم نفسيًا ومعنويًا بهدف عرقلتهم عن تحقيق النجاح والأهداف التي يطمحون إليها، فإن هناك أشخاصًا يستغلون الفرصة للقضاء على الطرف المقابل بتسديد الضربة القاضية عليه، من خلال الاصطياد عليه من ناحية بعض الجوانب الشخصية والاجتماعية والثقافية، ومحاولة تثبيطه وتحبيطه معنويًا ونفسيًا، حتى لا يتمكن من التقاط أنفاسه الأخيرة لمواصلة مشوار النجاح.

فالشخص العاقل والناجح والواعي، والذي لديه المعرفة والعلم والثقافة عالية، فإنه بالطبع سيحاول أن يقرب وجهات النظر، والاختلافات، والآراء، وأنه بلا شك سيتبع آليات وأساليب وخطوات مدروسة لكيفية حل المشاكل والقضايا الاجتماعية والثقافية في مختلف المجتمعات، بينما الضعيف والجاهل والفاشل ليس لديه القدرة على الحوار وكيفية التعامل مع الاختلافات، فلهذا الأمر دائما يحاول التسقيط بالناس، واتباع مبدأ الخاسر والفائز، نظرًا لافتقاره للوعي، والثقافة، والعلم، والأدب، والأخلاق، والكثير من الإمكانيات والآليات.

وأن هناك أيضًا بعض الآثار السلبية التي تترتب على أسلوب تسقيط الناس، فإن مثل هذا الأسلوب السلبي يؤدي إلى تجمد الآراء والأفكار الناتجة من الحالة الثقافية والاجتماعية، وينشر العداوات، والخصومات، والكراهية، والانتقام بين أفراد المجتمع، ويثير الفتن، ويعرقل النهوض نحو التطور الفكري والأخلاقي للفرد والمجتمع، عن الامام الصادق :“من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله عز وجل من ولايته إلى ولاية الشيطان فلم يقبله الشيطان”.

بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من الأشخاص الذين ينشغلون بالناس، ولا ينشغلون بأنفسهم وإصلاح عيوبهم، فبسبب هذا الأمر تعود بعض البشر على استخدام أسلوب تسقيط الناس، ومن هذه الحالة عشعشت بعض الأمراض في قلوب بعض البشر، فصارت قاسية ومتحجرة، وذلك بسبب الحقد والغل والضغائن، قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة: 74].

ومن هنا فمحاسبة النفس أمر حسن يستعيدها لفطرتها الأساسية، ويبعدها عن الجبروت والتكبر، ويزرع فيها صفاء الروح والقلب والنفس، وأيضًا الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى عن طريق محاسبتها، ولومها بأفعالها الشيطانية وهواها السيئ.