آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

الوهميون وقياس البطالة

سراج علي أبو السعود * صحيفة الرأي السعودي

كشفت إحصائية حديثة للهيئة العامة للإحصاء في السعودية للربع الثاني من العام الجاري 2019، عن انخفاض نسب البطالة السكانية «15 سنة فأكثر» إلى 5,6 في المائة، مقارنة ب6 في المائة للربع الأول من نفس العام، فيما انخفضت بطالة السعوديين «الذكور والإناث 15 سنة فأكثر» إلى 12,3 في المائة للربع الثاني، بعدما كانت 12,5 في المائة للربع الأول من نفس العام.

هذا الانخفاض يمثل في ظاهره نجاحًا في خطط خلق الفرص الوظيفية وإحلال المزيد من السعوديين فيها، غير أن إشكالية منطقية وقعت فيها هذه الدراسة وكثير من الدراسات السابقة وهي تجاهل التوطين الوهمي، وهو الذي يعني وجود سعوديين تقل رواتبهم عن 3500 ريال، وقد منحوا هذا الأجر نظير تقييد أسمائهم في سجلات التأمينات الاجتماعية كموظفين حقيقيين فيما هم مجرد أسماء في كشوف الشركة فقط ولا يقومون بغير عمل.

بالرجوع إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وفي إحصائية منشورة في العام 2017، كشفت أن هناك نسبة 52 في المائة من إجمالي السعوديين المقيدين في التأمينات تقل أجورهم عن ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال، بإجمالي عدد يناهز المليون سعودي، هذا العدد الكبير ينبغي أن يتم التدقيق فيه والتأكد من أنه يمثل موظفين حقيقين وليسوا مجرد سعودة.

ذلك أنَّ تجاهل فرض «السعودة الوهمية» سيجعل التقرير في شكله النهائي بعيدًا كثيرًا عن الواقع، إلا إذا افترض الإحصائيون وأصروا على أنَّ الموظفين الوهميين موظفون حقيقيون، فذلك إن حدث فإنه أمر غير منطقي ومخالف جدًا للواقع، كل ذلك يعني أن نسب البطالة الحقيقية أعلى من النسب المعلنة، وهذا ما كان ولم يزل تأكيدًا على وجود خلل عميق في برنامج نطاقات الذي هيأ أسبابًا منطقية للتلاعب بالتوطين حينما وضع النسبة العددية فقط شرطًا للتوطين.

ما هو حل البطالة؟ لا شك أنَّ خلق الفرص الوظيفية هو الحل الإنشائي لهذا الأمر، غير أنَّ وجود ملايين الموظفين غير السعوديين في السعودية، يُشير بوضوح إلى أنَّ المشكلة في جزء مهم منها هي مشكلة إحلال وتوطين وليس صناعة وظائف، وحينما نعرف أنَّ المعيار العددي جعل نسبة قد لا تكون قليلة من الشركات تستهدف السعودة الوهمية لتحقيق متطلبات «الوزارة»، عليه فإنَّ الحل البديهي هو إضافة معيار الأجر إلى معيار العدد.

فحينما تحدد وزارة العمل نسبة منطقية لأجور السعوديين من إجمالي أجور المنظمة، سيصبح التلاعب في التوطين مكلفًا جدًا من الناحية المالية للشركات، ما سيجعلها مضطرة قسرًا للتوطين الحقيقي، أما ببقاء معيار العدد فقط فستبقى إمكانية التلاعب غاية في السهولة، وستبقى الإحصائيات المتكررة غير قادرة على منحنا أرقامًا دقيقة ومنطقية للبطالة.