”أجور خطباء المنبر“ حقٌ مستحق.. أم اشتراط مُبالغ فيه
- العوامي: الأجور غير مرتفعة، ولا أذكر بأن خطيبا اشترط علينا أجرا معينا.
- صاحب مأتم: الأجور مرتفعة، وأغلب الخطباء يرفضون القراءة عندما لا يعجبهم الأجر.
- المبارك: الأجور المرتفعة ”خطأ مشترك“ بين المجتمع والخطيب.
تُمثل الأجور التي يتقاضاها خطباء المنبر الحسيني في المنطقة مادة للنقاش لدى بعض الأوساط. بين من يعتبرها حقا مستحقا لقاء الجهد المبذول في التحضير والقراءة والإرشاد، وبين ناقد يرى بأن الأجور مبالغ بها سيّما مع اشتراط بعض الخطباء استلام مبالغ تصل لعشرات آلاف الريالات، مقابل الخطابة لإثني عشر محاضرة في موسم عاشوراء وحده.
وتتباين الآراء في هذا الصدد بين من يرى عدم وجود مبالغة في الأجور التي يتقاضاها الخطباء كما يدعي البعض، وبين من يرى أن هذا الأجر وإن بدا مرتفعا فهو حق وكرامة من الإمام الحسين للناعي وقارئ المصيبة.
بين الفريق الأول الذي لا يرى ضيرا في ارتفاع أجور خطباء المنبر مبررا بأن ”رزء الحسين يستحق منا بذل الغالي والنفيس“، وبين الفريق الآخر الذي يتهم الخطباء بالمبالغة في اشتراط الأجور، ارتأت صحيفة جهينة الإخبارية الوقوف على هذه القضية وملامسة هموم الناس فيها.
وتقول زينب محمد، القائمة على مأتم في حي أم الجزم في مدينة القطيف، أن الخطباء الرجال الذين يرتقون منبر مأتمهم لا يشترطون مبالغ كما يزعم البعض، ويكتفون بما يقدم لهم من بركة وعطية الإمام الحسين.
وأوضحت بأن ”العطية“، وتقصد بها أجر الخطيب، تختلف ارتفاعا أو انخفاضا، تبعا للموسم الديني، فما يتقاضاه الخطيب في العشرة الحسينية الأولى «عاشوراء» يختلف عن باقي المواسم في العشرات المتتالية والعادات الأسبوعية أو في شهر رمضان.
ووافقها زكي العوامي، القائم على حسينية العوامي الشهيرة وسط القطيف، قائلا ”بالنسبة لنا فإني لا أعلم ولا أذكر أن ايا من الخطباء قرأ عندنا باشتراط مسبق حول مقدار الأجر“.
ولا يرَ العوامي أن أجور الخطباء مرتفعة كما يشاع بين عامة الناس، مضيفاً القول ان الأجر يبقى قليلا وإن بدا مرتفعا في نظر البعض، وذلك لقاءيبذل الجهد الكبير المبذول في التحضير للمواضيع، سيّما بالنسبة للخطباء الموسمين الذين يقتصرون في محاضراتهم على المناسبات الرئيسية فقط كعاشوراء، فمجالس هؤلاء الخطباء هي من حيث الأساس قليلة جدا.
وضمن تدوينة على موقع التواصل الإجتماعي ”فيسبوك“ استغرب علي القروص مبالغة البعض في الإعتراض على أجر الخطيب وكأنه هو من يدفعه، لافتا بأن القضية بيد أصحاب المأتم، ”إن كان لا يعجبهم أجر الخطيب الفلاني فلماذا اختاروه؟ وإن كان يناسبهم فلماذا يعترض فلان وفلان؟“.
وعلق أبو عبدالله، وهو قيوم على مأتم في حلة محيش، أن أجر الخطيب شأنٌ خاص بينه وبين القيوم على المجلس، لافتا بأن هذا الأجر مصدر رزقه طوال العام.
وتابع بأن البعض لديه وظائف خاصة ومصدر رزق له طوال العام، وأما الخطيب فالمنبر فإن مصدره طوال العام.
وأضاف أن الإمام الحسين كريم ومعطاء للجميع راجياً عدم خلط الامور ببعضها.
في مقابل هؤلاء أبدى قائمون على مآتم حسينية أخرى إمتعاضهم من ارتفاع أجور الخطباء إلى حد اتهام بعضهم بالطمع.
وعن تجربته مع عدد من الخطباء الذين يرتقون منبر مأتمهم ذكر أحد القائمين على مأتم حسيني في حلة محيش، تحفظ على ذكر اسمه لحساسية الموضوع، أن بعض الخطباء يرفض ارتقاء المنبر في حال كانت العطاء أقل من 8000 ريال مقابل القراءة في العشرة الأولى من محرم.
وعن طريقة الخطباء في إبداء رضاهم أو سخطهم من الأجر المعروض عليهم، قال ”إن غالب الخطباء يأخذون الموضوع بطريقة غير مباشرة، فعندما يحاضر في مأتم صغير ويُعطى 8000 ريال مثلا، تجده يعتذر عن القراءة في ذات المأتم في السنوات القادمة تحت حجج مختلفة، كل ذلك تعبيرا عن عدم رضاه بالمبلغ“.
وأعرب عن امتعاضه بالقول، أن غالبية الخطباء يرفضون إقامة المجلس عند عدم رضاهم بالمبالغ المعروضة عليهم، واغلب الذين يرفضون ذلك لا يمتلكون نعي او بحوث تستحق.
ومن جانب آخر، أرجع جانبا من المبالغة في أجور خطباء المنبر في عاشوراء والوفيات إلى المبالغة في العطية من القائمين على المأتم أنفسهم دون مطالبة الخطيب بذلك.
وأبدت أم محمد، وهي صاحبة مأتم في حي الشويكة، أسفها من تعامل بعض الخطباء في الوقت الراهن مع الشعائر الحسينية وتحويلها إلى تجارة.
ودعت الخطباء إلى الإستفادة المادية من المنبر الحسيني ولكن بالقدر المعقول وغير المبالغ فيه.
ويرى رجل الدين الشيخ وجدي المبارك أن مايثار عن ارتفاع اجور الخطباء واشتراطهم لمبالغ معينة يجب أن يقرأ بموضوعية وهي أن هذه القضية لاتشمل كل الخطباء بل فئة معينة منهم.
وأضاف يجب أن تؤخذ هذه القضية بين جنبتين الأولى متعلقة الخطيب والثانية بالمجتمع الذي بات يلهث ويركض خلف الخطيب ذا الصوت الشجي لذلك يعمد الخطيب الذي يكثر الطلب عليه في قراءة المجالس بطلب مبالغ مرتفعة وغير مألوفة لذلك من يتحمل المسؤولية في ارتفاع أجور مثل هؤلاء الخطباء هم أصحاب المآتم الذي يركضون ورائهم ويحرصون على استضافتهم حتى لو طلبوا مبالغ مبالغ فيها .
وتعجب من بعض الخطباء الذين يشترطون مبالغ طائلة لا يملكون حصيلة علمية، وبعضهم من الشباب المبتدئ هداهم الله إلى طريق الصواب.
واستدرك بقوله: هناك خطباء أصحاب كفاءة علمية كبيرة، فلا ضير أن يوازي أجرهم أجر مايطرحون من مادة علمية رصينة ومفيدة، وهذا الأمر منطبق على كل المهن التي تختلف أجورها حسب التخصص والكفاءة، لذلك فإن الخطيب الذي يحمل كفاءة في الطرح والعلمية والبحث فلا ضير أن يكون أجره متوافق مع ثقله ومكانته العلمية.
وذكر المبارك أن الأجر الذي يتقاضاه الخطيب على قراءته أمر من المحببات، وحتى إن عد من باب الاسترزاق، فهو لا يتنافى مع أي مهنة.
وتابع أن الخطابة الحسينية مهنة هدفها نشر علوم أهل البيت وفضائلهم، واستدرار الدموع على مصائبهم.
وأكمل من يتتبع سيرة أهل البيت فسيجد انهم نهجوا في إعطاء المال لكل خطيب أو شاعر كان ينعى الإمام الحسين ، بل ورد في كثير الروايات بأنهم يزيدون العطاء للراثين الإمام الحسين.
وشدد على أن يكون هناك شيء من المراجعة على مستوى المجتمع والخطباء الذين يشترطون ذلك.
ودعا المجتمع إلى عدم اللهث خلف الخطباء الذين يشترطون مبالغ طائلة.
وقال إن الخطيب الذي يشترط أجرته مسبقا يخشى أن ينطبق عليه قول الإمام الصادق "ومستأكل بنا، ومن استأكل بنا افتقر“.