آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

رحمك الله يا أبا أسامة

جميل الجشي صحيفة اليوم

﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

رحمك الله يا أبا أسامة رحمة الأبرار وأسكنك الفسيح من جناته. نسال عنك يقولون في لندن وسيعود قريبا، وانتظرنا عودتك... وعدت، ولكن!! ولكن ماذا؟ إرادة الله ولا راد لحكمه.

أتذكرك يوم أتيت إلى مركز الأبحاث والتنمية الصناعية، وكنت قد سبقتك إليه بسنة أو اثنتين، جئت بنفس التخصص وبنفس الشهادة، وحاول بعض الاخوان دفعك للعمل في مكان أخر، ولكنك قاومت، كما يبدو، ولا أدري لماذا؟ ولعلها نفس الأسباب التي دفعتني للعمل في المركز.

وأصبحنا زميلين نعمل لنفس الغرض: التنمية الصناعية. ومضي كل منا يحاول بقدر استطاعته، وبأسلوبه الخاص، لتحقيق ذلك الغرض. وجاءنا زميل ثالث، الدكتور محسون جلال، رحمه الله، وجذبنا، الاثنين، للعمل في الجامعة، وسرت أنا في طريق «التنظيم الصناعي» وسرت أنت في طريق «التسويق». وتعاونا على فتح مجالات التدريب لطلبة الجامعة في المصانع وفي المركز، وساعدنا في ذلك مدير عام المركز المهندس محمود طيبة، رحمه الله، والأستاذ ناصر الصالح نائب المدير العام، حفظه الله، وسارت بنا دواليب الحياة.

اخترت انا استكمال دراستي في امريكا، ومضيت انت تأخذ الحكمة من الهند. وعندما ذهبت أنا لأمريكا، كنت أنت «وكيلي» على ما تبقي من راتبي، تستلمه في كل شهر وتسلمه لاهلي بكل أمانة، وكانوا في امس الحاجة اليه. وخلال وجودي للدراسة، تغيرت ادارة المركز واسند اليك منصب نائب المدير العام، ولم يتغير شيء بيننا.

وعدت الى المركز بعد انهاء دراستي وواصلنا العمل في خدمة الصناعة المحلية بالتعاون مع زملائنا السعوديين الكرام، رحم الله المتوفين منهم، وحفظ الله الاحياء، ومجموعة من الخبراء الأجانب.

ويعيش الوطن بعض الاحداث. وتنشأ «الهيئة الملكية للجبيل وينبع»، وتنشا «الشركة السعودية للصناعات الاساسية - سابك». ويرشحني الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، للعمل في «مشروع الجبيل» بالهيئة الملكية، ويرشحك نائبا للرئيس والعضو المنتدب لسابك. وهكذا نخرج سويا من مركز الابحاث لنلتقي على أرض الجبيل، أنت مع الدكتور غازي تخططون وتفاوضون وتعملون لاقامة الصناعات الأساسية، ونحن في الهيئة الملكية، باشراف الشيخ هشام ناظر، رحمه الله، نعمل على بناء التجهيزات الاساسية التي تحتاجها المصانع، والمدينة السكنية التي سيعيش فيها العاملون في تلك المصانع.

وبقدر ما كان التعاون مطلوبا ومتحققا بين الوزراء، كان التعاون سائدا بيننا، منسوبو الهيئة الملكية ومنسوبو سابك. وبفضل الله وتوفيقه، ثم بتوجيهات القيادة، وذلك التعاون على كل المستويات، تنشأ وتقام المصانع، وتنفذ التجهيزات الاساسية، وتقوم مدينة الجبيل الصناعية، فخرا للوطن ورافدا مهما لاقتصاده، رغم انف المشككين والمعارضين.

وتواصل طريقك في خدمة الصناعة، كوزير للصناعة والكهرباء، ثم كمستثمر ومؤسس لاكثر من شركة صناعية، واواصل طريقي في خدمة الوطن في مجالات التنمية الأخرى، وما تشاؤون الا ان يشاء الله.

هذه قصتنا باختصار.. ايها الصديق العزيز. واليوم ينتهي المشوار «وتبقى من المرء الاحاديث والذكر». رحمك الله، يا صاحب الذكر الطيب، واسكنك الفسيح من جناته والهم ذويك وجميع محبيك الصبر والسلوان. إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون.